السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اشتغال المعتكف بما لا يعنيه في اعتكافه
يبدأ في اليوم العشرين من رمضان ، وعند غروب الشمس دخول المعتكفين إلى معتكفهم , في المساجد الكبرى ,
وفى الجوامع , الكل يتسابقون لنيل رضوان الله تعالى , ويحدوهم الأمل في الظفر بليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ,
ومتشوقون إلى النظر إلى وجه الله الكريم في الفردوس الأعلى من الجنة , والاستمتاع بالحور العين , وأنهار الجنة ,
ونعيمها , وفى الجنة مالا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر .
والاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان سُنَّةٌ مؤكدة , وقد كان النبي- صلي الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان
من الرمضانات التسع التي قضاها في المدينة المنورة : عشرة أيام , فلما كان العام الذي قبض فيه - صلي الله عليه وسلم - ,
اعتكف - صلي الله عليه وسلم - عشرين يوماً ( [1] ) .
إن المعتكفين في عصرنا قد خرجوا عن المألوف في الاعتكاف , واشتغلوا بما لا يعنيهم , وتكلموا بما يزريهم ,
وخاضوا فيما ليس لهم به علم .
- فمنهم المجادلون في دين الله تعالى بغير علم .
- ومنهم المراءون الذين يطلبون الشهرة بين الناس .
- ومنهم اللصوص الذين يتربصون الفرص , ويتحينون غفلة الآخرين , أو انشغالهم بالعبادة ليسرقوا أمتعتهم .
- ومنهم الخارجون على القانون الذين يلتمسون الأمن والأمان في ساحات الاعتكاف , وما هم بمعتكفين .
- ومنهم الهاربون من زوجاتهم وأهليهم .
- ومنهم , ومنهم , ومنهم ...
أصناف كثيرة من المعتكفين في عصرنا , ضاع في زحامهم المخلصون , الذين خرجوا إلى المعتكف ,
لم يخرجهم إلا الاعتكاف حسبة لله تعالى , والتزموا بآداب الإسلام في الاعتكاف.
فالمعتكفون المجادلون لا حظ لهم في اعتكافهم إلا التعب , والسهر , والجوع والعطش ,
وقد قال - صلي الله عليه وسلم - : ( المراء في القرآن كفرٌ ) ( [2] ) ,
وقال - صلي الله عليه وسلم - : ( كفى بك إثما أن لا تزال مخاصماً ) ( [3] ) ,
وقال - صلي الله عليه وسلم - : ( إن أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخَصِمُ ) ( [4] ) ,
وقال - صلي الله عليه وسلم - : ( ما ضَلَّ قومٌ بعد هُدىً كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ) ,
ثم قرأ:﴿ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا﴾ ( [5] ).
والمعتكفون المراءون قد عبدوا الناس من دون الله , وسيفضحهم الله تعالى إن عاجلاً ,
وإن آجلاً على رؤوس الأشهاد , ولا حول ولا قوَّة إلا بالله , وقال تعالى في صفات المنافقين الذين أعد لهم
الدرك الأسفل من النار وبئس المصير :
﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ ( [6] ).
وقال الله تعالى في الحديث القدسي :
( أنا أغنى الشركاء عن الشرك , من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري , تركته وشِرْكَهُ ) ( [7] ) ،
وقال - صلي الله عليه وسلم - : ( من سمَّعَ سمَّعَ الله به , ومن يُرَائي يرائي الله به ) ( [8] ) .
أما اللصوص الغادرون بالآمنين , المتربصون بالمعتكفين المخلصين أو الغافلين نومهم , أو تهجدهم ,
فإن الله تعالى لهم بالمرصاد , ولن يفلتوا منه أبداً , ما لم يتوبوا , ويعيدوا ما خطفوه إلى أصحابه ,
قال - صلي الله عليه وسلم - : ( لكل غادرٍ لواءٌ يوم القيامة , يقال : هذه غَدْرةُ فلان ) ( [9] ) ,
وقال - صلي الله عليه وسلم - : ( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً , ومن كانت فيه خصلة منهن كان فيه خصلة
من النفاق حتى يَدَعها : إذا اؤتمن خان , وإذا حدَّث كذب , وإذا عاهد غدر , وإذا خاصم فجر ) ( [10] ) .
وأما الهاربون من زوجاتهم وأهليهم , فإن كان فراراً إلى الله , وإيثاراً لقربه عن قربهن ,
وتقديماً لمحبته على محبتهن , فهو المحمود المثاب عليه , بل إن فاعله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ,
حيث من بينهم : ( ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ) ( [11] ) .
وأما إن كان هروبهم منهن من أجل الهروب فلا ,
قال - صلي الله عليه وسلم - : ( كل عمل ابن آدم له , الحسنة بعشر أمثالها , إلى سبعمائة ضِعْفٍ ,
قال الله : إلا الصوم , فإنه لي , وأنا أجزي به , يدع الطعام من أجلي , ويدع الشراب من أجلي , ويدع لذَّته من أجلي ,
ويدع زوجته من أجلي , ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ,
وللصائم فرحتان: فرحة حين يفطر,وفرحة حين يلقى ربه ) ( [12] ) .
· أخلصوا لله في عملكم , واعلموا أن الله مطّلع على قلوبكم , فأروا الله من أنفسكم خيراً !!
· لا تتخذوا الخيام في معتكفكم إلا عند طعامكم .
· واحفظوا المساجد من بصاقكم , ومخاطكم , فإن ذلك إثم كبيرٌ .
· ولا تخرجوا من المعتكف إلا لحاجة شرعية ضرورية.
· واخرجوا منه إلى المصلى يوم العيد , ولا بأس أن تخرجوا منه بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان .
· واشتغلوا بتلاوة القرآن الكريم , ومدارسة العلم الشرعي , وخاصة الفقه , لأنه الخير الكثير ,
وهو الحكمة التي ينشدها الحكماء , فالوقت معكم وحاولوا الفوز بها .
· قوموا الليل , أو ثلثه , أو نصفه , أو ثلثه الأخير , وتهجدوا .
· وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة .
· ولا تنسوا إخوانكم المسلمين في فلسطين , وفى كل مكان وليكن لهم من خالص دعائكم ,
وصالح أقوالكم النصيب الأوفى .
· ولا تنسونا من صالح دعائكم , هدانا الله إياكم سواء السبيل .
من
كلام الشيخ / عبد الله عبد الله السَّـحْت
COLOR=darkslategrayرواه البخاري,وأبو داود,وابن ماجة .[/COLOR]
COLOR=darkslategrayرواه أبو داود,وابن حبان,والطبراني,وإسناده حسن .[/COLOR]
COLOR=darkslategrayرواه الترمذي,وقال غريب .// ([4] )رواه البخاري ومسلم,والترمذي,والنسائي .[/COLOR]
COLOR=darkslategrayرواه الترمذي,وابن ماجة,وابن أبي الدنيا,وقال الترمذي : حسن صحيح .[/COLOR]
COLOR=darkslategrayالنساء / 142 . // ([7] )رواه مسلم . // ([8] )متفق عليه .[/COLOR]
COLOR=darkslategrayمتفق عليه . // ([10] )متفق عليه . // ([11] )متفق عليه .[/COLOR]
COLOR=darkslategrayرواه ابن خزيمة [/COLOR]
لماذا الجدال ؟؟ - محمد العريفى