احسان صديق بسم الله الرحمن الرحيم ( لا تحسبنّ الذين يفرحون بما أتوا ويحبّون ان يُحمَدوا بما لم يفعَلوا، فلا تحسبنّهم بمفازةٍ من العذاب ولهم عذابٌ أليمٌ ) (آل عمران: 188) لطمةُ تأديب لنفسي الامارة بالسوء! يا نفسي المغرمة بالفخر، المعجبة بالشهرة، الهائمة وراء المدح والثناء! يا نفسي الغويّة! ان كانت بذيرة التين التي هي منشأ ألوف الثمرات، والساق النحيفة الصلبة التي تعلقت بها مئات العناقيد.. ان كانت هذه الثمرات والعناقيد من عمل تلك البذيرة والساق ومن مهارتهـما لزم كل من يستفيد من تلـك النتائج ان يبدي المدح ويظهر الثناء لهما! اقول: ان كانت هذه الدعوى حقاً، فلربما يكون لكِِ - يا نفسي - حقٌ ايضاً في الفخر والغرور لما حُمّلتِ من النعم. بينما انتِ لا تستحقين الاّ الذم، لانك لستِ كتلك البذيرة ولا كتلك الساق، وذلك لما تحملين من جزء اختياري. فتنتقصين بفخركِ وغروركِ من قيمة تلك النعم وتبخسين حقها، وتبطلينها بكفرانك النعم، وتغتصبينها بالتملك. فليس لكِ الفخر، بل الشكر. ولا تليق بكِ الشهرة، بل التواضع والحياء. وما عليكِ الا الاستغفار، وملازمة الندم، لا المدح، فليس كمالك في الانانيةِ، بل في الاستهداء. نعم! يا نفسي! انتِ في جسمي تشبهين الطبيعة في العالم، فانتما (النفس والطبيعة) قد خُلقتما قابلين للخير، مرجعيَن للشر. اي انتما لستما الفاعل ولا المصدر، بل المنفعل ومحل الفعل، الاّ ان لكما تأثيراً واحداً فقط وهو تسببكما في الشر، عند عدم قبولكما الخير الوارد من الخير المطلق قبولاً حسناً. ثم انكما قد خُلقتما ستارين، كي تُسند اليكما المفاسد والقبائح الظاهرية التي لا يُشاهد جمالُها، لتكونا وسيلتين لتنزيه الذات الإلهية الجليلة. ولكنكما قد لبستما صورة تخالف وظيفتكما الفطرية، اذ تقلبان الخير الى شر لإفتقاركما الى القابليات، فكأنكما تشاركان خالقكما في الفعل! فالذي يعبد النفس ويعبد الطبيعة اذاً في منتهى الحماقة ومنتهى الظلم. فيا نفسي! لا تقولي: انني مظهر الجمال، فالذي ينال الجمال يكون جميلاً.. كلا، انكِ لم تتمثلي الجمال تمثلاً تاماً، فلا تكونين مظهراً له بل ممراً اليه. ولا تقولي ايضاً: انني قد اُنتُخبتُ من دون الناس كلهم، وهذه الثمرات انما تظهر بوساطتي، بمعنى ان لي فضلاً ومزيّة! كلا.. وحاشَ للّه.. بل قد اُعطيتِ تلك الثمرات لانكِ أحوج الناس اليها، واكثرهم إفلاساً واكثرهم تألماً.[1]
احسان صديق رد: لطمةُ تأديب لنفسي الامارة بالسوء! سمير احمد, post: 5905 كتببارك الله فيك شكرا اخي احمد الحبيب علي مقابلتك العطرة وجزاك الله خيرا