الجُود ، و الكَرَم ، و السَّخاء ، و البَذْل
نماذج مِن كرم النَّبيِّ صلى الله عليه و سلم و جوده
لقد مثَّل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم واله المثل الأعلى والقدوة الحسنة في الجُود
والكَرَم، فكان أجود النَّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان،
فكان أجود بالخير مِن الرِّيح المرسلة.
وقد بلغ صلوات الله عليه مرتبة الكمال الإنساني في حبِّه للعطاء،
إذ كان يعطي عطاء مَن لا يحسب حسابًا للفقر ولا يخشاه،
ثقة بعظيم فضل الله، وإيمانًا بأنَّه هو الرزَّاق ذو الفضل العظيم
عن موسى بن أنسٍ، عن أبيه، قال:
( ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم واله على الإسلام شيئًا إلَّا أعطاه،
قال: فجاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه،
فقال: يا قوم أسلموا، فإنَّ محمَّدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة )
وقال أبو هريرة رضي الله عنه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واله
( لو كان لي مثل أحدٍ ذهبًا ما يسرُّني أن لا يمرَّ عليَّ ثلاثٌ،
وعندي منه شيءٌ إلَّا شيءٌ أرصدُهُ لدينٍ ) .
إنَّ الرَّسول صلى الله عليه وسلم واله يقدِّم بهذا النَّموذج المثالي للقدوة الحسنة
لاسيَّما حينما نلاحظ أنَّه كان في عطاءاته الفعليَّة مطـبِّقًا لهذه الصُّورة القوليَّة
التي قالها، فقد كانت سعادته ومسرَّته عظيمتين حينما كان يبذل
كلَّ ما عنده مِن مال.
ثمَّ إنَّه يربِّي المسلمين بقوله وعمله على خُلُق حبِّ العطاء،
إذ يريهم مِن نفسه أجمل صورة للعطاء وأكملها
وعن جبير بن مطعمٍ، أنَّه بينا هو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واله
ومعه النَّاس، مقبلًا مِن حنينٍ عَلِقَتْ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الأعراب
يسألونه حتى اضطروه إلى سَمُرَةٍ، فَخطِفَتْ رداءه
فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
( أعطوني ردائي، فلو كان عدد هذه العِضَاهِ نَعَمًا، لقسمته بينكم
ثمَّ لا تجدوني بخيلًا، ولا كذوبًا، ولا جبانًا)
وأهدت امرأة إلى النَّبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام شملةً منسوجة، فقالت:
( يا رسول الله، أكسوك هذه، فأخذها النَّبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام
محتاجًا إليها، فلبسها، فرآها عليه رجل مِن الصَّحابة،
فقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه! فاكْسُنِيها،
فقال: نعم، فلمَّا قام النَّبيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام لامه أصحابه،
فقالوا: ما أحسنت حين رأيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجًا إليها
ثمَّ سألته إيَّاها، وقد عرفت أنَّه لا يُسْأَل شيئًا فيمنعه،
فقال: رجوت بركتها حين لبسها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لعلِّي أكفَّن فيها )
وكان صلى الله عليه وسلم يُؤْثِـر على نفسه، فيعطي العطاء
ويمضي عليه الشَّهر والشَّهران لا يُوقَد في بيته نارٌ .
وكان كرمه صلى الله عليه وسلم كرمًا في محلِّه، ينفق المال لله وبالله،
إمَّا لفقير، أو محتاج، أو في سبيل الله، أو تأليفًا على الإسلام،
أو تشريعًا للأمَّة، وغير ذلك .
فما أعظم كرمه وجوده وسخاء نفسه، صلى الله عليه وسلم،
وما هذه الصِّفة الحميدة إلَّا جزءٌ مِن مجموع الصِّفات التي اتصف
بها حبيبنا صلى الله عليه وسلم، فلا أبلغ ممَّا وصفه القرآن الكريم بقوله :
{ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }
[ القلم:4 ]( نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقاً و يقينا لاشكّ فيه )
( اللهم لا تجعلنا ممن تقوم الساعة عليهم و ألطف بنا يا الله )
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
وصحبه اجمعين الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا