أيها الإخوة توكلنا على الله ..الآن فلننطلق على بركة الله بكل عزم وبأس وقوة ودون انقطاع .. توكلنا على الله ومن يتوكل على الله فهو حسبه .. سنصل إلى كل بيت وطريق و سمع و بصر .. نعم لقد حان الوقت .. شكلوا مجموعات العمل وانطلقوا ولا تنتظروا واملوا خيرا :
علقوا أكبر اللافتات حيث تصل أيديكم / أنشروا الملصقات / أطرقوا كل باب / لا تتوقفوا عن التحدث في كل موضع / إطبعوا ووزعوا ما يبلغ خطابنا لكل سمعٍ وكل وعي / تحركوا حيث استطتعتم وحركوا من تبلغون
أنتم اليوم لستم ناخبين أصواتهم هي كل المطلوب منهم .. بل أنتم اليوم أصحاب قضية تمر بلحظاتها العليا وهذا أوان الصدق والرباط والبذل المتواصل بلا انقطاع ..نعم يا اخواني فإننا إنما نبدأ معركة حقيقية كبرى ندرك بها اللحظة الفارقة لمصير هذا البلد الكريم مما يتربص به من التضييع ومما يراد له من المكائد .. إنطلقوا على بركة الله ولا تنتظروا مُبطئا فالتوقيت هادر الخطر ، وجددوا لله نيتكم وارجوا الله واليوم الآخر وأملوا في وجه الله خيرا واستشعروا نعمة الله أن يلحقنا بركب الحق بلا تخلف أو فوات أو قعود.. توكلنا على الله
******
إننا في اللحظة الفارقة العظمى لهذا البلد الكريم في التاريخ الحديث حتى الآن ، والله تعالى نبهنا إلى أننا في مثل هذه اللحظة نكون تحت رقابة الله إذ قال ( عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأرْضِ " فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ" ) فكلمة " فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ" هذه هي قمة إخبارنا بأن عبادة الوقت فور أن يبدل الله حالنا هي "نوعية" الأداء المناسب بالفعل للنجاح .. فهو سبحانه لم يقل : فينظر ماذا تعملون ، وإنما قال " فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ" .. ما نوعية قراركم وصحة اختياركم وجودة سعيكم وصدق إقدامكم ومواصلة همتكم .. وليس مجرد أي نوع من الأداء.
لقد جرت الأحداث بعد ۲٥ يناير۲٠١١ على نوح ما تعلمون فمنّ الله على الناس بما لم تكن تخيلاتهم تبلغه مصداقا لوعده الصادق (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ ...) ويومها فاضت آمال الخير والإصلاح لهذا البلد من قلوب أهله أجمعين .. تلك القلوب التي طالما أجهدها هول المظالم والقهر والطغيان .. فصارت جموعها عاقدة العزم على أكرم الآمال لهذا الوطن ومجتمعة عليه.
وإذا بمكر الليل والنهار لا يتركنا ولا يهدأ ، وإذا بالأمواج السوداء العاتية تنهمر على البلد من كل جانب لتردم آمال أهلها وتلتف على ما تحقق : ألاعيب تهدف إلى ترويض اليقظة وإخمادها وردها إلى العجز وفقد التمكن ، مع التفريق بين الناس وتلويث السمعات وتشتيت التركيز .. إلخ ثم إذا بإنفاق منهمر مريب ودأب لايهدأ لزلزلة استقرار ثوابت هذا الشعب وفطرته ومبادئه وعقائده وهز ثقتهم فيها مع إلحاح لا ينقطع لغرس أفكار أجنبية عن نسيج هذا الشعب في قراه ومدنه وطرقاته وتجمعاته موحى بها من خارج نطاق هذا الشعب تزويراً لثوابته والادعاء عليها بما ليس منها مطلقا ، حتى أنك لتسمع ما لا يمكن مطلقا أن يكون مقبولا من هذا الشعب وبقدر ما نفسح له اليوم الميدان – بأي تعلة تقال – فلن نسترد ثوابت هذا الشعب أبدا كلما تهاونا في حسم المعايير ووضوحها ، وإذا بهذا يتواكب مع تصنيع دءوب لتمكين من يراد الإيهام بأنهم هم هذا الشعب ليؤدوا الدور في إقصاء وتولي دوره بدلا منه في عملية إيجاد لبدلاء لمن سقطوا في ۲٥ يناير وما بعدها وتسمع منهم كلاما سيئا جدا لا يقبله شرف هذا الشعب على نفسه .. ومع ذلك يقدمونهم رؤساء للمجتمع وقمة له تزييفا لحقيقته.
وإذا أمام هذا العنفوان الضاري والهجمة الهائلة إذا بنا والثوابت تتهيب واللغة الأصيلة تتميع والثقة بها تتوارى والوضوح يرتج .. وما هذا لو تركناه اليوم الا استئناف لضياع جديد لا يعلم الا الله إلى متى يمكن أن يغرق فيه هذا البلد وإلى متى تستمر غرقتة الجديدة ، وما لم تنهض العزمات الآن فأي أوان إذن هو الذي يلزم فيه بذل العزائم ما لم يكن والحال هكذا. والسنوات الخمس القادمة بهذا لن تترك فيها حرية لنشر الإصلاح بل لن تتوانى فى سحق ما شب من آمال الناس سنة بعد سنة حتى تقضي عليه وتعيده لما كان
وهنا تَمَكّن السؤال صارخا .. أى شئ يا ترى هو ما سنظل ننتظره بعد هذا كله وقد تجلى بكل جبروته وعنفوانه .. بل وبدا يخطو المزيد من الخطوات الفولاذيه نحو التمكن والسيطرة ثم المحو والارتداد .. هل نظل حتى تنجرف كليةً حقيقة ما عليه شعب مصر وتكسح .. حتى تنمحي كليةً وتزول وتصب المحن صباً ونحن جموع هذا الشعب الطيب السمح الكريم مترابطا بعاطفته وفطرته وقيمه وثوابته وثقافته وعقيدته ووسطيته وتواده وتراحمه .. أما آن الأوان أن يُعلم بوضوح من هو تماما شعب مصر على حقيقته .. هل ننتظر مرة أخرى حتى يعود يعبر عنّا دهورا ربما – من ليس نحن .. حتى نعود إلى نفس ما كان مفروضا علينا من قبل .. ناعماً فى البداية يروضُ يقظة الشعب ثم جباراً فى النهاية لا يُبقى ولا يذر .. حتى متى سنظل نفلسف "مقدار" ما ينبغي أن نعمله ليكون وفقط بحسب الحد الذي يرضاه خصومنا ولا يزعجهم .. متى سنحدد نحن مواصفاتنا الأصيلة لعملنا بكل الاتزان والحكمة والتدبر ولكن دون رعدة القلوب وارتعاش الأيدي .. يا كل شعب مصر بجمعه وفضله ، دائما يشغلنى المعنى العميق (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ ..... حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ ...... مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ) آية كأنما تُترك اليوم .
ومن هنا نبت العزم وانطلق القسم : شعب ملتف معا صادق العزم مهيأ أن يقدّم لله من نفسه كل الفداء لعزماته بولاء خالص لا تتزاحمه ولاءات ملوثه أجنبية عنه ... ومن هنا قررت – كما قد علمتم - ما لم يكن له وجود في دائرة جهدي لولا ما ذكرته من الضروره والاضطرار ولولا خوف الإثم المتمكن .. قررت أن أخوض وبغايه العزم انتخابات رئاسة الجمهورية مستصحبا تمام معرفة مبدأ "من هو شعب مصر على حقيقته وأين يقف" ، مقسما من كل خلجاتي أن لا والله لا نُسلم الأمر لمكر الليل والنهار يستبد بنا ويلتف علينا نسيجاً واحداً لشعب يتطلع لكرامته يدا بيد وجهدا بجهد ننحاز وبكل العزم ضد ما هو أجنبي عن نسيجنا ولحُمتنا وإيماننا العميق والله وحده زادنا وعزنا وعزمنا ومنها حبنا ومنطلقنا وغايتنا، وفقط نسأل الله أن نكون من الصادقين وأن يمن علينا بعزمٍ يفي بآمالنا، ولن يغلو على الله أن نقدم اليوم من أنفسنا – في سبيل صدقنا فيما ادعينا طوال الأعمار أنه طريقنا – ما يجب له وقد حانت ساعة الصدق فلا نفلتها طواعية ، فإن تفويتها لن يكون – كما قد نتوهم - لصالح خمس سنوات تالية سيتحسن الحال خلالها ، بل حقيقة ما ينتظر فيها لو أفلتنا اللحظة الحالية إما تطويق قسري للآمال بعد أن تهمد رويدا رويدا حركة الشعب وإما أنه ستتجدد دائما نفس المخاطر وبنفس المقدار - التي ندعي اليوم اننا نتجنبها بإفلات اللحظة الحالية - إذا حاولنا في أي وقت قادم التمسك بإصلاح إذ لن يكون واردا.. ومن ثم لا فارق مطلقا ولا مصلحة من إفلات اللحظة الفارقة الا إضاعة الفرصة ، بينما كل ما يقدم اليوم حراسة للحق إنما هو رخيص في جنب الله تعبدنا ببذله وألا يكون تجنب بذله مقابلا مقبولا لترك الحق خاصة وقد تبين أن المصلحة من وراء تركه لا حقيقة لها إلا بذات ما كان قائما من قبل من دوامة معلومة ، فلم يبق إلا أن ما نخشاه هو ما نتمناه ، ولن تكون المقارنة أنه خوفا من ضياع احتماليّ فلنقدم نحن بأنفسنا الضياع من الآن .. بل حتى هذا الضياع الاحتماليّ لا حقيقة له فإما أن الثورة ستحرس نفسها فلا خطر اليوم و إما لن تحرس فلن يؤخروا الخطر و لا يوم واحد ومهما قدمنا من تنازلات فلن يقبلوها لكف الخطر عن هذا الشعب .
سنخوض انتخابات رئاسة الجمهورية بعزم نادر المثال إن شاء الله نرجوا صلاح البلاد والعباد وسلامة المقاييس في الدولة دون غرض ولا انحراف, وأن نصنع ومضة رائعة في تاريخنا من الصواب والخير والود والرحمة والعدل والمؤسسية المحترمة وأن نسترد لهذا الشعب سلطانه على إرادته بإذن الله، وربما كانت علامة تيسير ما رتبه القدر عبر مراحل العمر ونوعيات الاشتغال وتطوراتها وتنويعاتها وبعشرات السنين من تخصصات متعددة معا : قانونية ودراسات دستورية وممارسات سياسية وإدارية واقتصادية وشرعية ونقابية واجتماعية وتاريخا أسبق يُعلّم .. جمعتها الأقدار على نحو لو كنت قصدته ما اجتمع معا على هذا النحو القدري العجيب .. وإنما أبدأ من حيث الفقر الكامل إلى الله من أي طاقة إلا أن يشاء الله ويقدر. فأملوا خيرا .
ويا إخواني إنني إنما ترشحت حتى نعود نستطيع أن ننطق بثوابتنا وما أحياه أساتذة الرشد والخير والمصارحة دونما ارتعاش أو تميع لا نخجل منه ولا نواريه التراب فالزموا المنهج جميعا ولا تفرقوا.
انطلقوا راشدين ولا تتحيروا أمام الإرجافات والمخاوف فكلها متوهمات لا حقيقة لها لو أحسنا التعمق والتدبر والإدراك ولن نتذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء :
فإن عزمنا وعهدنا صادق ومبذول علناً وصراحة أننا سنظل فرحة ورحمة لأهلنا أجمعين بالحق المبين برا وعدلا وفضلا.
نُنهض مؤسسات دولتنا ناجحة رائعة حتى تبلغ قمة تألقها وتقدمها.
دولة لا قدسية فيها لشخص كائنا من كان لا أحد يحتكر التحدث باسم وطنية أو دين
لا يردُ على البال أدنى خاطر أن اختلاف الديانة له أدنى أثر على إنتقاص خردلة من الحقوق.
دولة تدرك الموازين الدولية ومراحلها ولا تجهل قدرات نفسها أيضا فخطاها متزنة واثقة لا تُفرط في حق أو كرامة ولا تُستدرج برعونة ولا بسذاجة .
إنها لحظات نرجوا عند الله عظيم أجرها وبركة رباطها ونخشى إثم التغيب عن ميدانها وهي لحظات الحق إما أن يهدر وإما أن يمكن وقد جاء أوانها فلا متسع لقعود أو غياب.
توكلنا على الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
محمد حازم صلاح أبو إسماعيل
۱۲يونيو ۲٠١١