ما أسرع أيامك يا رمضان .. تأتي على شوق ولهف .. وتمضي على عجل ..
ها قد مضى الثلث الأول منك يا رمضان ، والثلث كثير .
وها قد أوشك الثلث الثانى على الرحيل ..
يا شهر الصيام ترفق .. ويا شهر القيام تمهل ..
نفوس العابدين .. وقلوب الراكعين الساجدين .. تحنّ وتئنّ .
منذ أيام، كنا ندعو : "اللهم بلغنا رمضان".
ومنذأيام قليلة، هنأ بعضُنا بعضاً ببلوغ رمضان
فقد هل الهلال، مع النداء الشهير :
"ياباغي الخير أقبل، و يا باغي الشر أقصر .."
و اليوم، فاجأتنا هذه الحقيقة :
انقضى الثلث الأول من رمضان !!
رمضان.. هذاالضيف ؛ خفيف الظل، عظيم الأجر..
مضى نصفه.. "و النصف كثير"..
بل نستطيع القول أننا قد بدأنا بالفعل فى العد التنازلى ..
وهنا لا بد ان نقف مع أنفسنا وقفات أيها الأحباب
ماذا أودعنا هذه الأيام التى خلت ؟
كيف نحن وصيام الجوارح والسمع والبصر ؟
كيف نحن وتفطير الصائمين ؟
كيف نحن والصدقة والصلة والبر ؟
كيف حالنا مع الخشوع والخضوع والدموع ؟
أم رضي البعض أن يكونوا مع الخوالف..؟
هذه أيام وليالي العتق تنقضي يوماً بعد يوم
وسرعان ما سيقال : وداعاً رمضان
فهلا كانت همتنا عالية ، ولسان كل منا يقول : لن يسبقني إلى الرحمن أحد .
هلا جاهدنا أنفسنا وأتعبناها بالطاعة ، حتى ترتاح في مستقر رحمة الله في جنة الخلد .
فالعبد لن يجد طعم الراحة إلا عند أول قدم يضعها في الجنة .
ها نحن في الثلث الثاني من رمضان ..
وقد أوشك أن ينقضى أيضا ..
سنستقبل العشر الأواخر ـ لمن كتب الله له عمراً ـ
أفضل ليالي العام ، فيها ليلة خير من ألف شهر ، من حُرِمَ خيرها فقد حُرِم.
فيا لسعادة من عرف فضل زمانه ،
ومحا بدموعه وخضوعه صحائف عصيانه ،
وعظم خوفه ورجاؤه ، فأقبل طائعاً تائبا يرجو عتق رقبته وفك رهانه.
والأعمار تنقضي بانقضاء الأنفاس ،
وهذا شهر الرحمة والغفران ، يوشك أن يقول وداعاً ،
ولعلك لا تلقاه بعد عامك هذا .
فصم صيام مودع ، وصل صلاة مودع ،
وقم قيام مودع ، وتب توبة مودع ،
وقم بالأسحار باكياً ، مخبتاً ، منيباً ،
هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك ،
إلهي حرم وجهي ولحمي وعظمي وعصبي وبشرتي على النار .
إلهي لا أهلك وأنت رجائي . اقبل توبتي ، واغسل حوبتي ، وسل سخيمة قلبي ،
وارفع درجتي ، وكفّر سيئتي . وأعتق رقبتي ،
غداً يقال : انقضى رمضان ، وأقبل عيد أهل الإيمان .
بين من يهل عليه هلال شوال و هومعتق من النيران ، قد كتب من أهل الجنان..
وبين من يهل عليه، وهو أسير الشهوات و المعاصي ، قد حرم من الخيرات ، وباء بالخسران..
اللهم وفقنا للصالحات قبل الممات ،
وأخذ العدة للوفاة قبل الموافاة ،
واغفر لنا ولوالدينا وأزواجنا وذرياتنا وإخواننا وأحبابنا والمسلمين ،
واكتبنا جميعاً من عتقائك من النار