إعداد الأستاذ الباحث :
مرشد محمد شيت الحيالي
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى اله وصحبه الى يوم الدين وبعد:كنت قد اقترحت على رواد المنتدى ان يتبى احد منه الكتابة عن تراث الشيخ المنشاوي رحمه الله، وقبل ذلك ان يتبى احد من طلاب الجامعات ممن له اهتمام بعلم القراءات او علم التاريخ ومايتعلق به من تراجم الاعلام والفكر والادب والثقافة والدين الكتابة عن حياة القراء امثال المنشاوي وغيره على شكل اطروحة اورسالة ووفق خطة واضحة ومعايير تتوفر فيها كل متطلبات الرسائل الجامعية ،فطال انتظاري ولم ار اي اجابة بينما الاقلام تتبارى في الكتابة عن الفنانين والفنانات وتفاصيل حياتهم اقل ما يقال فيها انها تافهة لاتسمن ولاتغني من جوع بل ضرها اكثرمن نفعها ان كان فيها منفعةو ممن لايستحق منهم ان يسطر فيه قلم اويكتب له ترجمة على ورق، وهذا لعمري مما يدمي القلب ويحزن الفؤادويزيده هما وغما وذلك مما دفعني الى خوض هذا المضمار والدخول في تلكم الحلبة ومع ما في جعبتي من معلومات عن الشيخ جمعتها من محبيه كنت قد دونت بعضا منها في منتدى قراء القران،يضاف الى ذلك حبي للشيخ منذ الصغر، فعزمت على الشروع في التفاصيل تحت عدة عناوين ومسميات، وبما يتاسب مع الموضوع مع جملة من الفوائد والخطرات تنفع العالم والمتعلم، كلها ادخلتها تحت عنوان كبير اسميته (ومضات من حياة محمد صديق المنشاوي )ليس المقصود منها السرد التاريخي المجرد بل لاجل العبرة والعظة ولم اتناول حياة مقرى اخر لان القصد جعل الشيخ انموذجا للقارى المثالي مع اني متاكد بان هناك قراء مثل المنشاوي كالبنا والحصري والبهتيمي وغيره ،وقد ادرجت هذه الومضات ضمن حلقات كل حلقة تتناول موضوعا مستقلا وقد تناولت في تلك الحلقات بداية الشيخ ونبوغه ثم تربيته المثالية لابناء اسرته ثم اقاربه الى العالم اجمع وتناولت صبره على حساده ومناوئيه ثم صرامته في الحق ورحلته الى العالم الاسلامي وشهرته وصيته وتناولت طريقة ترتيله وتجويه الاداء والاسلوب وبعده عن تعلم النغم والموسيقى الى غير ذلك من المواضيع الهامة قد لاتجدها الا في منتدى مزامير ال داود وبالله التوفيق وارجو ان يكون عملي ذلك خالصا لله تعالى سبحانه. --------------------------------------------------
تتفق المؤسسات التربوية على اختلاف مناهجها على اهمية دور الاسرة في التربية وتنشئة الاجيال فهي المحضن الاول في تكوين شخصية الانسان ولذا اولى الاسلام عناية خاصة بتكوين الاسرة على اساس معرفة المبادئ الاسلامية التى تكون الاسرة الصالحة ولاتعد الاسرة مؤسسة تربوية الا اذا روعي في ابنائها التوجيهات التى حددها الاسلانم ومن ظمنها ان يكون نواة الاسرة وما يتفرع منهما وهما الاب والام على المنهج القويم والثاني ان تكون الاسرة على معرفة ودراية بالتربية الحقة والتي من خلالها يمكن صياغة المسلم الصالح وهذا ينطبق تماما على الشيخ المنشاوي واسرته فهي ابتداء اسرة تربت على رسالة الاسلام وتعاليمه وحدوده واخذت على عاتقها حمل رسالة القران وتعليمه الى الناس كافة فوالد الشيخ كان قارئا ذاع صيته في مصر معلما ومربيا وموجها قبل ان يكون قارئا وانت تقراء سيرة العائلة المباركة فتجد كل من له صلة بهذه الشجرة الا وله نصيب من العلم والفقه والدين والتقوى وفي هذا الجو والمحيط خرجت تلكم النبتة المباركة والتى اضحت فيما بعد لها الريادة والدور البارز غي تخريج الاجيال على هدى القران وتعاليمه. --------------------------------------------------
تتمة الحلقة الاولى من تراث الشيخ
اكتشاف الموهبة:تبداء القصة من حين التحاق الشيخ المنشاوي الى كتاب القرية والتى يتولاها عادة معلم يقوم بتعليم الصبيان تعاليم الاسلام وتلقينهم سور القران واياته ليتمكنوا بعدها الالتحاق بالمدارس الدينية والتى تعلمهم العلوم الاسلامية المختلفة، التحق الشيخ في سن مبكر وعمره اربع سنين فراى شيخه ابو مسلم مخايل الذكاء والموهبة من سرعة الحفظ وحلاوة الصوت والجد والمثابرة على حضور الدرس فكان يقوم بتشجيعه ويهتم به كثيرا، وهذا يذكرنا بالعلماء الربانين الذين شهد لهم معلموهم بالذكاء والتفوق امثال ابن تيمية لما راى فيه العالم سرعة حفظه لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم فقال (لان عاش الطفل ليكونن له شان عظيم )مع الفرق بين العالم والمقرئ والمنشاوي هو معلم وموجه بتلاوته ،والموهبه لاتقتصر على نوع معين من العلوم بل تشمل التفكير والصوت والكلام والمسائل المعنوية من صبر وحلم وغيره، والموهبة كما يقولون عبارة عن تفوق في قدرات الشخص الذهنية والعقلية ،لقد ظهرت مواهب جمة في الاسلام بفضل تعاليم الاسلام وتوجيهات الرسول والذي كان يقوم بنفسه باكتشاف المواهب ورعايتها وتوجيهها فقد اكتشف الرسول موهبة الاشعري في الصوت وهو يترنم بالقران ويتغنى به وكان صلى الله عيه يصغي اليه بل ويشجعه فحينما قال له ابو موسى الاشعري( لو كنت اعرف انك تسمع لحبرته لك تحبير) وما ذلك الا اقرار من الرسول على اهمية موهبة الصوت في النفوس،لقد كان والد الشيخ المنشاوي ومعله (الاسرة والمدرسة) لهما الاثر في رعاية موهبة الشيخ الصوتية بل في التفوق والحفظ حتى اتم حفظ القران كاملا وهو في سن الثامنة من عمر،وهذا يدلنا على ان الاب والاسرة لهم القدرة على تفجير الطاقة الكامنة في الطفل والموهبة كما يقولون كالنبتة والبرعم الصغير الذي يجب رعايته بحذر مرة بالسقاية والرعاية ومرة بحفظه وحمايته من غوائل الرياح والافات والاذبلت تلكم الورود ،ومن هنا يجب على الاسرة ان تتعرف على مواهب ابنائها ثم دراستها محاولة لتوجيهها وفهمها، ومن هنا بداء والد المنشاوي_ بعد ان عرف موهبته_ يوجهه للسفر بصحبة عمه الى القاهلرة لاستكمال بقية الدرب من خلال تعلم العلوم والمعارف الاسلامية من فقه وتفسير ولغة وغير ذلك وللحديث بقية باذن الله. --------------------------------------------------
الحلقة الثانية :
ومضات من حياة الشيخ المنشاوي
الرحلة الى الازهر لطلب العلم:بعد ان اتم الشيخ حفظ القران كاملا ،ذهب الى الازهر بصحبة عمه لينهل من القران وعلومه في اورقة الازهر الذي كان بمثابة الجبل الشامخ الذي تتطلع الى افئدة المسلمين من شتى البقاع للتعلم والتفقه ،وكان امل الاباء والامهات ان يكون لهم ابنا يدرس على يدالمشايخ هناك ،وكانت طبيعة الدراسة في الازهر على الاسلوب القديم وهو ان يجلس العالم الى عمود ويتحلق حوله التلاميذ في اورقة الازهر، وبالتاكيد ان المنشاوي كان من بين هولاء ومن بين العلماء الذين تاثر بهم المنشاوي بخلقه وسلوكه بل وبعلمه(ليس هناك من المراجع التى بين يدي ما يؤكد التقاء الشيخ في صغره بالشيخ عامر ومؤكد جدا انه التقى به كثيرا بعد ذلك ورايت التقاء الشيخ محمد مسعود شيخ المنشاوي يالشيخ عامر كثير جدا ) الشيخ عامر السيد عثمان (1900_1988)وهو من اصحاب الاصوات الندية الشجية حين يقراء القران يتوقف الجميع عن العمل وتدمع العيون وتخشع القلوب ،وقد تخرج على يديه البهتيمي صاحب المنشاوي ورفيقه في الدرب والحصري وكبارة ومحمود عملران وغيرهم كثير ،وسبب ضياع شهرته بالقراءة ان صوته توقف فجاءة في شبابه فعوض عن ذلك بتعليم القران وتجويده وتصحيح المصاحف والاشراف على تسجيلات القراء في الاذاعة وقد اشرف على تسجيل المنشاوي الترتيل والتجويد ،وراجع تسجيل الحذيفي المرتل ، ومن اعماله انه قام بتحقيق العديد من الكتب الاثرية مثل كتاب فتح القدير وغيره ،ومن مؤلفاته كتاب (هداية القارئ) وهوكتاب نفيس تلاقاه اهل الاختصاص بالقبول والثناء لما حوى من نفائس المسائل العلميه في القران ،ومن الطرائف بل الكرمات ان في مرضه في المستشفى كان يدندن بالقران مع انه فاقد الحبال الصوتية ،وفوجئ به الاطباء وهو يتلو لقران بصوت جهوري لمدة ثلاثة ايام حتى ختم القران ثم اسلمت الروح الى باريها ،ولاشك ان الشجر الطيب لاينبت الاطيبا ومن هذه الشجرة الطيبة والتي شرب من رياضها القراء والعلماءتخرج المنشاوي والتى كان لها عظيم الاثر على المنشاوي في رحلته مع كتاب الله وترتيله ،فاشتهر الشيخ وذاع صيته في وقت مبكر وهو بعد لم يتجاوز العشرين من عمره ،بل دعاه ذلك الى ان يستقل عن شيخه محمد مسعمود الذي هو الاخر كان له الاثر الواضع على تربية المنشاوي الروحية والعلمية وللحديث بقيةان شاء الله تعالى. ---------------------------------------------------
الحلقة الثالثة :
ومضات من حياة الشيخ المنشاوي رحمه الله
بعد ان اتقن المنشاوي دراسة علم القراءات دراسة متقنة (وعلم القراءات هوعلم بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها بعزو الناقلة)انتقل الى دراسة العلوم الاسلامية مثل الفقه والتفسير والنحو والصرف وغيرها(العلوم العقلية والنقلية)وقد انبهر معلمه ومدرسه السيداحمد مسعود من فرط ذكائه وقوة حفظه وبيانه وفي وقت مبكر من عمره مما دعاه الى المزيد من الاعتناء به والاهتمام بشخصه ،وهذه الدراسة للعلوم والفنون المختلفة وخاصة علم القراءات وما يتفرع منه اثر بالشيخ المنشاوي تاثيرا بالغا في تلاوته واداءه المتميز الرائع (سايتي توضيح ذلك في تجويد المنشاوي دراسة وتحليل)وقد كانت طبيعة الدراسة عند القراء انها تشمل دراسة العلوم الاسلامية الى وقت قريب ليتخرج القارئ وهو على دراية تامة بما يتلوه ويقراءة ،وما قراء الامصار السبعة المشهوري بالعلم والمعرفة الادليل واضح على هذا المنهج السديد،فكان القارئ يجمع بين الصوت والاداء المتقن المتميز مع دراسة العلوم الاسلامية وخاصة علوم التفسير ،وممن اشتهر بالعلم الى وقت قريب عالم القراءات المقرئ عبد الفتاح المرصفي رحمه الله (1927_1989)حفظ امهات المتون في القراءات والنحو الصرف وغيرها ،وله مولفات عديدة لم يؤلف على منوالهامثل كتاب (هداية القارئ الى تجويد كلام البارئ)وقد توفي عندما كان بعض تلامذته يقراء عيه الختمة ،ومنهم القارئ محمود الحصرئ قارئ المقارئ المصري سابقا له اكثر من عشر مؤلفات في علوم القران وسجل كذلك القران مرتلاعشر مرات وبروايات مختلفة،لقد كان المنشاوي على غرار من سبقوه في العلم والفقه والدراية التامة الا ان النشاوي لم يتفرغ للتاليف والكتابة وقد اطلعت له على رسالة بخط يده تدل على اسلوب رائق بديع وقدرة فائقة على التصوير والتوضيح ،لقد تفرغ المنشاوي طوال حياته الى التربية والتوجيه لافراد اسرتة ولمجتمعة ولمستمعيه من خلال ترتيله وتجويد الذي حظي بالقبول من لدن جميع الشرائح وبالله التوفيق والى حلقة اخرى .
الحلقة الرابعة :
مواقف من الشجاعة والحلم والصبر
لقد ضرب الشيخ المنشاوي امثلة رائعة في الورع والزهد والصبر سطرت باحرف من نور لتدل دلالة واضحة على ان الشيخ لم يكن قارئا للقران فحسب بل كان مربيا من الطراز الاول ترجم ما يتلوه الى واقع عملى ملموس في الحياة ومن خلال مواقف عدة وهذا يفسر لنا ان تسجيلاته لاقت صدى واسعا من مختلف الشرائح وقد شهد لصوته ان له تاثيرا في القلوب والنفوس علماء ربانيون وقراء محترفون وفقهاء شرعيون بل وعوام من الناس اقبلوا الى الاسلام من خلال الاستماع الى ترتيله وتجويده وسياتي توضيح ذلك ،ومن الموقف المؤثرة للمنشاوي مايلي: اولا:في بداية نبوغه وشهرته طلبت الاذاعة منه وهو في احدى المحافل ان يسجل ما يتلوه في الاذاعة ولكنه رفض طلبا للسلامة وبعدا عن الشبهات وابتعادا عما يشين ، كما فعل عمه بالضبط لان القران يبث الى عموم الاماكن والاجواء فربما كان هناك من لم يصغي الى القران ،وربما كان في دار الاذاعة من الامور والمنكرات ما لايمكن ازالته وقد ورث المنشاوي ذلك عن اسرته ومشايخه ولو كان المنشاوي يسعى الى الشهرة اوالمنصب اوالمال او الى اعتبارات دنيوية اخرى كانت اشارة واحدة منه كفيلة بان تسعى ادارة الاذاعة بمهندسيها وكوادرها ان تنتقل اليه وقال قولته المشهورة(لست بحاجة الى الشهرة) التى تدل دلالة واضحةعلى الاخلاص وانه يقراء لا لاجل ان يطرب الجمهور اويبغي منهم الشهرة بل لاجل ان يوصل صوت الحق الى جميع الناس عسى ان يوقض بصوته وتلاوته النفوس الغافلة ويحي بتلاوته القلوب الميته ،والجزاء من جنس العمل والله يعامل عبده بمثل ما يعامله عبده فقد كان هذا الرفض منه سببا لشهرته في الافاق والامصار ،وقد بدات الاذاعة بعد ذلك تتنقل بكادرها الكامل لتسجيل تلاوته التى يمتع به الحاضرون وكثيرا ما كنت وانا استمع الى تلاوته الخارجيه بكاء الحاضرين وعلى سبيل المثال تلاوته لقوله تعالى من سورة الاسراء (وجعلنا الليل والنهار ايتين فمحونا اية الليل ............)فانك لو استمعت بشكل مركز لسمعت الى بكاء الحاضرين بل كان المنشاوي نفسة لايملك ان يبكي في مواضع مؤثرة من تلاواته وفي اجواء تصفو فيها النفس ويفتح فيها من الفيوضات الربانية على قلب الشيخ ومن ذلك قراء نادرة غير متوفرة يقراء فيها سورة التوبة وعندما يصل الى قوله تعالى (لاتحزن ان الله معنا.................) تخنقه العبرة فيجهش بالبكاء ويتاثر بصوته السامعون والى موقف اخر من مواقف الشيخ رحمه الله. الموقف الثاني:بعد ان علا نجم الشيخ وذاع صيته في الافاق وفي وقت مبكر اثار ذلك ظغينة بعض الحساد ومرضى النفوس الذي اعتقدوا من الشيخ ان التلاوة ما هي الا حلبة مصارعة وتنافس على الشهرة والمنصب ومحاولة لكسب ود الجمهور، ولهذا تسببوا له ببعض المتاعب اودت بعضها الى الموت لولا لطف الله بالشيخ ودفاع الله عنه وحمايته له من كل مايؤذيه (ان الله يدافع عن الذين امنوا) ومن ذلك محاولة بعض القراء من المتعصبين والحاقدين على الشيخ من قتله ومن خلال وضع السم في الطعام وكان يفترض يهذا المقرئ ان يفرح بمن يذكر الناس بالله لا ان يسعى الى اطفاء نوره من اجل مصالح شخصية ولكنه الحسد الاعمى والقصة معروفة ، وليس العجب من صفح الشيخ عن المذنب وحلمه عنه بل الاعجب من ذلك كله هو ان الشيخ ستر عليه ولم يفضحه بل لم يذكر اهل الترجمة اسم ذلك المقرئ ولا حتى كنيه او مكانه، الله اكبر!!!!! والله انها اخلاق ورثة الانبياء واهل القران حقا، والاعجب من ذلك ان الاب (صديق المنشاوي )وهو يوجه الاسرة المثالية نحو الصفح والعفو يوصيهم بعدم ذكر اسم الشخص حفاظا على سمعته من الضياع واكتفى بقوله (كيف يصدر ذلك من مقرئ) فعلا كيف تصدر مثل هذه الاخلاق الذميمة من محب للقران وهو يتلوه على الملاء فحال الجهلاء والعصاة ربما يكون احسن حالا منه الوقف الثالث: الصبر على الاذى والحلم وكظم الغيظ من صفات المؤمنين المخلصين لهذا الدين ولحملة القران والله يمتحن عبده بانواع من الاذى ليمتحن عبوديه لله فان ترجم ما يتلوه الى واقع عملي وان كان قبيح الصوت رفعه الله الى درجات عاليه وفي المقام الاعلى في الجنان كما جاءت بذلك النصوص الصحيحة ،وان جعله وراء ظهره وابتغى منه الاعتبارات الدنيوية والمصالح التافهة من عرض الحياة الدنيا وضعه الله وان كان صوته مثل مزامير ال داود بل وان كان صوته من اجمل اصوات العالمين وان جمع بين الصوت الجميل والاخلاق السامية وتحلى بفضائل واداب القران فلا تسال عن فضله وبما يفتح الله على يديه من الفتوحات الربانية والنعم العظيمة كما فتح الله على قلوب الصحابة والتابعين ومن بعدهم الى يومنا هذا والخير ماضي الى يوم القيامة ،لقد كان حال المنشاوي (لانزكي على الله احدا )هو من ذلك الصنف الذين جمعوا بين القول والعمل بين التلاوة الجميلة والاخلاق السامية يتمثل ذلك من عندما قام احد الحساد ايضا بعمل حيلة في احدى المحافل لما راى من اقبال الجمهور للاستماع الى تلاوته وهم ما يقرب من 10 الاف مستمع فاوصى صاحب الجهاز بتعطيل المايكرفون والقصة معروفة في مضانها فما كان من الشيخ الا ان قام من اجل الهدف الذي يبغيه من ايصال صوت الحق الى الناس كافة فبداء يقراء وهو يمشي بي الجمهور حتى بهر الحضور بصوته العذب واداءه المتميز فانصرف ذلك الحاسد مغموما وكان الاولى به ان يجلس للاستماع الى كلام الله الذي به شفاء القلوب والارواح فكان صبر الشيخ وحلمه عنه وعدم الافصاح عن اسم الشخص من الاسباب التى رفعت اسم الشخ عاليا في سماء القراهء في العالم الاسلامي واسال الله ان يسامح ذلك الحاسد لانه حرمنا نحن من الاستماع الى تلك التلاوة التى قيل عنها انها من اروع ما تلاه الشيخ من كل المحافل والله المستعان والى حلقة اخرى من تراث الشيخ المنشاوي اخوكم مرشد
الحلقة الخامسة المرحلة التطبيقية:
تميزت تلاوة المنشاوي (الخارجية والمسجلة بالاذاعة)بجملة ميزات جعلتها القمة في المهابة والروعة والتاثير(التركيز على تلاوتة المنشاوي لايعني ان غيره لايتمتع بهذه الصفات او دونها بل لاجل معاني ذكرتها في المقدمة فوجب التنبيه) ،مع اختلاف في الاداء بين محفل واخر ،والملاحظ عدم وجود تلاوتان متشابهتان من كل وجه من ناحية الاداء المتميز والجمال الصوتي، فتلاوته لسورة الزخرف تختلف عن تلاوته لسورة ق ،وكانك تتنقل بين زهور ذات الوان مختلفةوروائح عطرة متباينة متناثرة في رياض حديقة جميلة غناء والكل ينبع من مشكاة واحدة،ومن الميزات العامة التى اعطت تلاوة المنشاوي هذة المهابة ما يلي : الاحساس اليقظ بعلوم التجويد وما يتبعه من علوم القراءات والتى تجعل من الايات المتلوة سيمفونية (ان صح التعبير)بيانية وتترجم المشاعر والحركات والاصوات والشخوص ،وتحيل المفردات والالفاظ الى مشاهد وكائنات متحركة . ثانيا: تاثره البالغ بما يتلوه لكونه عاملا بالقران ( نحسبه كذلك ولانزكي على الله احدا )والتى كست الصوت خشوعا وهدوئا بالغ الروعة مما اثر ذالك في الاسماع بله القلوب . ان الترتيل ليس مجردقواعد واصول يتعلمها المقرئ ليصبح بعدها من القراء المشهورين كما يتخيل البعض ،بل هي عملية بالغة التعقيد تحتاج الى دراسة متقنة في اللغة والقراءات وعلم الاصول والنغمات (لم يتعلم المنشاوي النغم والمقام من احد وانما هو موهبة من الله ولما كان يتمتع به من حس مرهف وايمان عميق وافق واسع )وتحتاج الى صوت ذا طبيعة حساسية تعطي الصوت مهابة وخشوعا وفوق ذلك ان يكون لديه هدفا ساميا يتجاوز المكان والزمان الى افق رحبة بحيث يتعلق قلبه بالله حبا ورجاء وخوفا ، يتمثل ذلك في دعوة الخلق ومن خلال التلاوة الى الطاعة لله،وقد لخصت السيدة عائشة رضي الله عنها دعوة الرسول وما ينبغي ان يتحلىبه المسلم وبالاخص حامل القران بقولها (كان خلقه القران)وقد اعتمد المنشاوي في ترتيله للقران على جملة مؤثرات وهي: اولا: التنويع في النغمات وتوظيف المقامات وبما يلائم ظلال الايات المتلوة بناء على مايملكة من قدرات فائقة في التصوير والايضاح ،ويفعل ذلك كله في اطار خدمة المعنى وايصاله الى اذهان السامعين. ثانيا:القراءة التفسيرية ،فالمنشاوي يقراء القران مرتلا كما جاء في السنة وله وقوفات تاملية وهو حين يتلوه كانما يفسره حرفا حرفا بل انك تفهم المعاني من التلاوة المسموعة. ثالثا: يعتمد المنشاوي في الغالب غلى اسلوب التكرار (وقد ثبت في السنة المطهرة)ليتمكن من وراء ذلك الى ايصال المعنى المطلوب من الايات ثم يسترسل بعد ذلك في تلاوة الايات الاخرى بعد ان تمكنت تلاوته في النفوس واستقر تاثيرها في القلوب . رابعا: التنويع في القراءات مع البعد ان امكن عن القراءات الشاذة خدمة للمعنى لا لاجل التطريب او اظهار المقدرة والبراعة بل لاجل توضيح المعنى واكتمال المشهد والامثلة على ذلك كثيلرة جدا اكتفي بمثال واحد جميل عند قراءته لسورة غافر في قوله(يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب )بضم الياء من يدخلون بالبناء للمجهول الدال على انهم يكرمون غاية الاكرام وسياتي ذلك في الامثلة خامسا: يرتل المنشاوي القران على علىانه هو المخاطب لاغيره ،فعند تلاوته للايات التى تحذر من العذاب او التى تدعو الى التوبة فيتلوها على انه هو المعني من الايات فيورثه ذلك ندما وخشوعا وتوبة مما يكون لتلاوته اثرها الفعال في النفوس.والى الامثلة وحلقة اخرى من ( تجويد المنشاوي دراسة وتحليل).
تكلمنا في السابق عن بعض الميزات والمؤثرات في تجويد المنشاوي والتى جعلتها في القمة والروعة والمهابه في الاداء والتاثير ومن هذه الميزات ايضاح المعنى وتجسيد المشاهد كانها راى عين والتى تجعل من يستمع الى التلاوة يتفاعل معها بقلبه وعقله ووجدانه ،وعلى ذلك امثلة لاحصر لها (اكرر ليس المقصود من هذه الدراسة ان ما ذكرناه حكرا على المنشاوي ولكن المقصود الاكبر هو بيان عظمة المتلو وهو كتاب الله والانطلاق من شخص المنشاوي لبيان ما ينبغي ان يكون عليه حامل كتاب الله )ومن الامثلة على ذلك (الامثلة التطبيقية ): اولا:تلاوته لقوله تعالى من سورة الفجر(وجئ يؤمئذ بجهنم .........)وهو من اروع المقاطع التى يتاثر بها السامع ،ويستعمل المقرئ ما يناسب اجواء الاية من المقام وهو الحجاز ،وهو الثاني في الروعة بعد الصباوالمنشاوي في تلاوته يقطع القلب وتخنقه العبرة وهو يذكر الانسان الغافل بما فات من عمره في غير طاعة الله بعد رؤيته لجهنم وهي تقاد بالسلاسل ليقذف فيها لعصاة حينئذ يصرخ الانسان باعلى صوته نادما (ياليتني قدمت لحياتي )والمقرئ في المقطع يرفع صوته مناديا على الخلق ان هلموا الى طاعة الله قبل فوات الاوان ،والحال كذالك مع قوله تعالى قال قرينه ربنا ما اطغيته. ثانيا :تلاوته لقوله تعالى (قال لاتختصموا لدي وقد قدمت اليكم ..........)من سورة ق ويستعمل هنا مقام النهاوند وهو بارع فيه حتى انه عرف به (ليس هذه دعوة لتعلم المقام لاني اعتقد انه من الممكن ان يكون ذلك عن طريق السما ع للمقرئين والموهبةلها دور )والغالب على المقام الحزن والمقرئ في تلاوته يوضح ويجسد حال الانسان مع قرينه الذي اغواه واضله وتخلى عنه في احرج موقف بل يتبراء منه هناك يوم لاينفع ما ولابنون الامن اتى الله بقلب سليم واصبح الانسان مرهون بعمله لاغير واصبح ماثلا امام عدل الله وقضائه ولايظلم ربك احدا وعند قرائته يمد النفصل للدلالة على تعميق المشهد وايضاحه بقوة ،مما يدفع الانسان الى التاثر والاستعداد التام والتزود للاخرة . ثم تامل الانفتاح في قوله{وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ(31)هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ(32)مَنْ خَشيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ(33)ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ(34)لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ(35)}على مقام الرست الذي يدل على الاستبشار والفرح بفضل الله ورحمته ولنا هنا اشارات: الاولى :المقرئ يكرر الاية مرات من اجل ايصال المعنى المطلوب لان ترديد الاية له فائدة فهو يؤدي الى التدبر وايضا فالقلوب انواع فاذا لم يؤثر هذا النوع من النغم اثر غيره والقلوب المطمئنة يكفيها ادنى اشارة الثانية :التنويع في القراءات كي تتعدد المعاني وتتنوع الدلالات وتصب في مقصد واحد وهو الدلالة على عظيم وعد الله للمتقين . والمنشاوي ينقلك الى اجواء رحبة من عطاء الله للمتقين ويكشف في تلاوته عن مشهد من مشاهد يوم القيامة الدال على دقة التصوير لاهل الجنة وهم يدخلونها اخوة متحابين كما جاء في الحديث{ أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دُري في السماء إضاءة: لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يمخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة - عود الطيب - أزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء } [متفق عليه]. هذا التصوير العجيب لاهل الجنة وهم يدخلونها يهذه الصفة يدلك على منهج قراني عظيم في تربية النفس البشرية على معاني الايمان بالغيب والذي يثمر الاعمال الصالحة من الخوف من الجليل والمحافظة على اوامر الله وان كنت خاليا وسلامة القلب من الامراض القلبية فما اعظم سعة رحمة الله وما احلم الله عن خلقه وهم يبارزونه بالعظائم من الذنوب وهو مع ذلك يدعوهم الى التوبة ويعرض عليهم الجنة التى فيها ما لاعين رات ولكن الخلق والحال والعرض من رب العباد معرضون ساهون غافلون رباه رحماك مااعظمك !!!! رباه مااعظمك وارحمك بخلقك!!!! كل ذلك يصوره المقرئ من خلال تلاوته للسورة فيدعوك الى الاستعداد وشد العزم الى التوبة والعمل الصالح وتحقرحينئذ الدنيا وزخرفتها وتتيقن فعلا بعد سماعك للتلاوة انها لاتساوي في ميزان الله شياوان موضع في الجنة لهو اثمن من الدنيا وما عليهاياخواني انشدكم بالله ان لاتركنوا الى الدنيا وان لاتغتروا بها والله انها خداعة ماكرة ملعونة كما وصفها حبيبي محمد والتلاوة فوق ما تتصوره الاذهان وفوق ما اسطره بقلمي .وتامل معي رحمك الله كيف ان المقري يستعمل في تلاوته ما يعرف (بالبنتاية)او بالمصطلح العلمي الترقيص ولكن المنشاوي ينساب منه بخشوع عجيب وهو معروف به واستمع الى المقطع الاخير من التلاوة وهو يقراء قوله (فباى الاء ربكما تكذبان )واليك الرابط وانشدك الله ربي وربك ان تستمع لها بتدبر واترك من وقتك فقط ساعة واحد وحاول ان تكون في غرفة مظلمة وانت تستمع الى التلاوة وتفرغ قلبك من كل شاغل دع عنك كل شاغل وغيره واستمع الى التلاوة والى اللقاء في الحلقة القادمة من تراث الشيخ والتى هي بعنوان (رحلات الشيخ في العالم الاسلامي ولقاءاته بكبار المقرئين)وبالله التوفيق.
ما ان بلغ المنشاوي مرحلة النضج الفكري وذاع صيته في انحاء مصر حتى انهالت عليه الدعوات من مختلف اقطار الاسلام للتلاوة واحياء ليالي رمضان والمناسبات الاخرى وتعتبر فترة الخمسينيات لحظة الانطلاق الى العالم الاسلامي (لم يذهب المنشاوي-حسب علمي -الى اوربا وايران)وقد طاف في دول عدة يصدح بصوت الحق ويوجه الامة ومن خلال التلاوةالى العودة الى النبع الصافي القران والتمسك به، ويبث الامل تارة في نفوس ابنائها وتارة يعزيها بمصابها في مقدساتها ويحثها على الاخذ باسباب التمكين والعز والرفعة . لقد كانت رحلات المنشاوي رحمه الله تتميز بكونها دعوية مثمرة اكدت على ضرورة التمسك بالاسلام وان الحل للخررج من الازمات والنكبات هو القران العظيم وانه هو وحده الموحد للشعوب قاطبة ومن تلك الرحلات والبلدان التى زارها المنشاوي: رحلته الى اندونسيا :وهي في نظر المنشاوي من اوفق الرحلات واكثرها بركة لسبب يعبر عنه المنشاوي بتعبير صادق نابع من اعماق القلب وفي خطاب يرسله الى اكبر اولاده حيث يقول فيه(لم أر استقبالاً لأهل القرآن أعظم من استقبال الشعب الإندونيسي الذي يعشق القرآن بل ويستمع إليه في إنصات شديد ويظل هذا الشعب واقفاً يبكي طوال قراءة القرآن مما أبكاني من هذا الإجلال الحقيقي من الشعب الإندونيسي المسلم وتبجيله لكتاب الله)ان جمال الصوت الذي يملكه المنشاوي وتفرد التلاوة بطريقته الخاصة والاتقان في التلاوة وفوق ذلك كله العيش في ظلال القران والتفاعل معه وترجمته الى حياة وواقع هي التى تجعل كل من يستمع الى تلاةو الشيخ يتاثر به ولقد نقل عنه انه كان يعيد التلاوة مرات ويقطع القراءة مرات لاجل البكاء ،فالى حملة كتاب الله هكذا يجب ان تكون اخلاق حملة كتابه حتى يحيوا بتلاواتهم القلوب والارواح تلك القلوب التى رانت عليها الذنوب والاثام وغشيتها الظلمات والمعاصي ووالله ان الامر كما قال عثمان بن عفان رضي الله عنه (لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله ) الى بيت المقدس:زار المنشاوي المسجد الاقصى وقراء فيه ،وكاني به وهو يدخل المسجد وينظر الى اروقته فتفيض عينياه بالدموع ويتالم على مصاب الامة في اعز ما تملكه اولى القبلتين وثالث الحرمين -ان صح التعبير-(اسال الله ان يفك اسره من ايدي اليهود ). فينطلق بعدها بصوته الذي سخره لخدمة دينه فيقراءمن سورة الحديد ومن اجمل التلاوات تلك السورة التى جمعت في مضمونها اسباب فشل المسلمين وذلهم والاسباب المؤدية الى العز واتمكين ومن اعظم اسباب الذل هو الانخداع بزخرفة الدنيا كما قال ذلك سيد ولد ادم عليه الصلاة والسلام( فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكني أخشى أن تبسط عليكم الدنيا ، كما بسطت على من كان من قبلكم(فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم ) وتامل معي كيف يقراء المنشاوي قوله تعالى(سابقوا الى مغفرة من ربكم ..............)وهو يرفع صوتة ويستنهض الهمم ويقوي العزائم لبلوغ هذا الهدف الاسمى الذي تسابق من اجله المتسابقون وتافس فيه اهل الصلاح والتقوى. الى بلاد الحجاز :قراء المنشاوي في موسم الحج وله فيها ذكريات وشجون قراء وقد التفت من حوله حجاج بيت الله ومن سورة الحج وهم يستمعون الى تلاوته وسط تجاوب وتفاعل الحضور وكانه يفسر السورة ويشرح مقاصدها ويجلي معانيها للسامعين بعدها ادى مناسك الحج يؤديها بشوق وايمان وحلاوة وراحة ويقين وقبل مغادرتة يحدوه الشوق والحنين لزيارة مهبط الوحي ومكان نزول كتاب الله الذي اشرقت له الظلمات وصلح عليه امر الدين والدنيا انه غار حراء فيجلس في داخله ويقراء ايات عطرة مما نزل على قلب المصطفى صلى الله عليه ومعه نفر من الناس ويقراء سورة العلق فيبكي ويبكي من حوله انها لحظات من اجمل لحظات العمر بله الدنيا باسرها انها لحظات عبر عنا شيخ الاسلام رحمه الله بقوله(ما يصنع أعدائي بي ؟أنا جنتي وبستاني في صدري أينما رحت لا تفارقني ،أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة ،وإخراجي من بلدي سياحة .) ما احوجنا اليوم ونحن نعيش خضم هذه الماديات التى اثقلت النفوس واوهنت القلوب بل ابعدتها عن الله وجعلتها قاسيه بل حجارة ما احوجنا الى ان نعيد للقلوب حياتها ونورها ومن خلال كتاب الله وانشدك الله ان تستمع الى سورة الحج بصوت المنشاوي ومن المحفل نفسه. الى بلاد الرافدين :في عام 66وجه اليه الاخ خلوق دعوة للقراءة في بغداد فاعتذر المنشاوي- في رسالة لطيفة قرائتها بنفسي تدل على ادب جم -لموعد مع الكويت فقراء في المسجد الكبير في الكويت بتلاوات تعتبر القمة في النقاوة والصفاء لتطور الاجهزة في البلد مثل قراءة الفجر والانفطار وق وغيرها وفي عام 67 استقل طائرة الى بغداد مع عدد من القراء كالحصري ومصطفى اسماعيل وغيرهم واستقبله جماعة الاخوان وقد لف الرباطة حول عنقه من شدة البرد وذهب الى مسجد ابي حنيفة ( من اكبر مساجد بغداد)وقراء سورة الانفال -لم تسجل - على ما نقل لي ثم الشعراء وقصار السور -سجلت والتقى بعدها بكبار المقرئين العراقيين امثال المقرئ عبد الرحمن وكان الشيخ المنشاوي معجبا باناشيده وتوشيحاته والتقى بالحفظ خليل اسماعيل رائد القراءة في العراق ودار بينها حديثا وديا طويلا وعقدت للمنشاوي بعدها عدة جلسات في بيوت الاعظمية قراء قراءات جميلة لاتتجاوز 10 دقائق سجلتها (تمكنت من معرفة مكانها وارسلت من ياتي بها من العراق ولكن دخول البلد صعب سارفعها حال وصولها )ومن المساجد التى زارها المنشاوي الاورفلي حدثني الاخ خلوق ان المنشاوي بينما كان يقراء في المسجد يقول خيل الي كان حنجرته سقطت بين يديه وبداء الدم ينزل من حلقه وكانت البداية بالاصابة بالدوالي-البداية كانت عام 66- وبقي في بغداد 10 ايام من رمضان وبعدها استاذن للعودة الى ارض الوطن. حصيلة هذه الجولة المباركة:اكثر من 150 تسجبلا من مختلف الاقطار الاسلامية هي تراث الشيخ الى جيل الامة من التلاوات الرائعة لايزال صداها وتاثيرها حاضرا في النفوس رغم مرور اكثر من 35عاما هذا والمنشاوي توفي وقد بلغ القوة في الاداء والجمال الصوتي كيف الحال لو عاش بعدها لكنا قد سمعنا تلاوات من لون ونغم اخر يختلف عما سمعناه من التلاوات المعروفة وسنفرد حلقة خاصة عن تسجيلات المنشاوي الخارجية والاذاعية ومن اشرف عليها من المختصين وملابساتها وظروفها واسبابها ان شاء الله.
الحلقة السابعة :
الاسرة المنشاوية المثالية الصالحة
تتفق المؤسسات التربوية على اختلاف مناهجها ومذاهبها في ان الاسرة هي المحضن الاول للتربية والتعليم وفي ان صلاح المجتمع منوط بصلاحها لانها تعد هي اللبنة الاولى في بناء المجتمعات وان اي خلل او قصور في التربية يظهر اثره جليا وواضاحا على افراد المجتمع الذي يعيشون فيه ولذا حثت تلكم المؤسسات على الاهتمام والعناية بالاسرة كل حسب منظوره وتفكيره والامر في دييننا الحنيف فاق كل تلك الايدلوحيات والنظم والدساتير الارضية فقد اهتم الاسلام بالاسرة اهتماما بالغا وتجد في كتب الفقهاء وائمة الهدى ادق التفاصيل مما يتعلق بشان الاسرة ابتداء من اختيار الزوجة وانتهاء بتربية الابناء الى امور يطول شرحها في هذه العجالة المقتضبة كل ذلك يدفع الى اهتمام المربي بالاسرة وتنشئتها على معاني الاسلام والاخلاق السامية، ونجد بعض المربين يقع في المغالطة حينما يوجه اهتمامه الى تربية الافراد خارج نطاق الاسرة على معالي الامور -وهو شئ حسن-ويهمل او يتناسى تربية من يمتون اليه بصلة وهم ابنائه واسرته وهذا الصنف غالبا ما يفشل في دعوته ولايكون لكلامه التاثير في من يدعوهم ويرشدهم. لقد اثبت المنشاوي رحمه الله ومن خلال تربيته لاسرتة الحقه على معاني الايمان والاسلام انه ليس مقرئا فحسب بل هو مربي وموجه من الطراز الامثل لااقول ذلك جزافااو ادعائا بل هو حقيقة فقد كان تعامله وتربيته لابنائه وزوجاته ثم لاقريائه وانتقالا الى ابناء محلته بل ومجتمعه ومن يتعاملون معه انه القمة في الاداب والاخلاق المرعية الاسلامية التى ان دلت على شئ فانها تدل على ان الرجل صاحب رسالة وهدف يريد ان يبين ان حامل القران يجب ان يكون ذلك ديدنه وخلقه واليك لمحات تربوية(عناوين) نقلا من كلام اولاده: ترويض الابناء على اداء الفرائض:يقول الشافعي محمد صديق اكبر اولاد الشيخ (كان ابي حريصا على ان نؤدي الفرائض وكثيرا ما اصطحبنا للمساجد التي يقراء فيها القران وكان ذلك فرصة لي لزيارة مساجد مصر ). الاختيار الامثل للاصداقاء :لقد كان ذلك من اولويات اهتمام الشيخ وكان يقوم بمتابعة الامر بنفسه حفاظا على اولاده من الضياع يتابع الشافعي فيقول كما كان رحمه الله يراقبنا ونحن نختار الاصدقاء ويصر على ان يكونوا من الاسر الملتزمة خلقا ودينا !!!!!.......). المشاركة الفعالة في اللهو المباح وكان يشارك ابنائه في المذاكرة ويساعدهم على اداء الواجبات ويحضر مجالس الاباء ). العدل بين الزوجات: (لقد تزوج عام 1938م من ابنة عمه وكان ذلك هو زواجه الأول وأنجب منها أربعة أولاد ولدين وبنتين ثم تزوج الثانية وكان عمره قد تجاوز الأربعين وكانت من مركز أخميم محافظة سوهاج وأنجب منها تسعة أبناء خمسة ذكور وأربع إناث وكانت زوجتاه تعيشان معاً في مسكن واحد يجمعهما الحب والمودة وكان يقول: الناس يحبونني ويتمنون مصاهرتي وقد توفت زوجته الثانية أثناء تأديتها فريضة الحج قبل وفاته بعام واحد) والعجيب في ان هذه الاسرة المكونة من هذا العدد كانت تعيش في اجواء مفعمة من الالفة والمحبة قل ان تجد لها نظيرا حتى ان اولاد الزوجة كانوا ينادون الزوجة الثانية(بتعبير العوام الضرة)ماما ماما ليدل ذلك ان الرجل استطاع ان يبني اسرة متينة الاخلاق والايمان . الاهتمام بتحفظ الاولاد كتاب الله: (وكل أولاده يحفظون القرآن والحمد لله كاملاً ولكن لم يتمتع أحد منا بحلاوة الصوت باستثناء ولديه صلاح وعمر الأول يعمل محاسباً والثاني معيداً بجامعة الأزهر وهما دون الثلاثين من عمرهما ويتميزان بصوت طيب جميل وقد شهد لهما الكثير من المتخصصين في علوم القراءاتوهما يدرسان الآن علوم القراءات استعداداً لاحتراف هذه المهنة فيما بعد إن شاء الله). والامر لايقتصر على الاولاد فحسب بل ان بناته كانوا من حفظة كتاب الله وقد اوصى الشيخ والده ان يقوم بالمهمة في حال اذا اصابه مكروه وقد تم له ما اراد. علاقته باهل بلدته واقربائه: واليك موقفا من المواقف التى تدل على تواضع الشيخ وعلاقته باهل بلدته (كانت علاقته بأهل بلدته لا تنقطع وهذه عادات أهل الصعيد فكان عطوفاً بهم محباً لفقرائهم وأذكر أنه قال لنا ذات مرة أنه يريد عمل وليمة كبيرة لحضور بعض الوزراء وكبار المسؤلون على العشاء فتم عمل اللزوم ولكننا فوجئنا بأن ضيوفه كانوا جميعاً من الفقراء والمساكين من أهل البلدة وممن يعرفهم من فقراء الحي الذي كنا نعيش فيه). بهذه التربية المثلية والاسلوب الامثل استطاع المنشاوي ان يدخل الى قلوب الناس ومن اوسع الابواب ورزقه الله محبه الناس له واصبح بعدها بحق رائد من اعلام القراءة بمصر بل العالم الاسلامي كله والى حلقة اخرى من تراث الشيخ رحمه الله.
الحلقة الثامنة :
اجلال كتاب الله وتعظيمه
في الحلقة 4 وضحنا ان الشيخ المنشاوي لم يكن قارئا للقران فحسب بل كان مربيا اوبتعبير اخر ربانيا ومعلما يترجم ما يتلوه الى واقع ملموس انطلاقا من قوله تعالى (كتاب مبارك انزلناه ليدبروا اياته )وهذا يفسر لنا ان الناس ومن مختلف الشرائح يتاثرون بتلاواته وان تسجيلاته قد لاقت صدا واسعا في سماء القراءة المصرية وغيرها وقد شهد له بذلك علماء ربانيون وفقهاء شرعيون (في الحلقة 10 سنذكر شهادة علماء العصر )ويفسر لنا ايضا الاقبال على الاستماع الى تجويده . ان قارئ القران وحامل لؤائه لاينبغي له ابدا ان يتخذ كتاب الله مطية لنيل مارب دنوية دنيئة والا فقد حلاوة القران ولذته والتي هي اثمن من ملك الدنيا باسرها ولن تؤثر تلاوته في قلوب السامعين وان كان جميل الصوت لانه وباختصار ما خرج من القلب وصل اليه وما خرج من اللسان لم يجاوز الاذان انها حقيقة بديهية الا ان الكثير من القراء يغفلون او يتغافلون عنها ان حامل القران يجب ان يترفع عن كل ما يشين فالقراءة ليست حرفة او صنعة بل هي مسؤلية كبيرة تتطلب من حامل القران جملة من الاداب والاخلاق وان يجعل كتاب الله المثل الاعلى في كل شان من شؤن حياته لقد جعل المنشاوي ذلك نصب عينيه وهدفه الاسمى وغايته العظمى من تلاوة كتاب الله ونذكر هنا من المواقف موقفان : الاول : عندما وجه اليه أحد الوزراء من قبل الرئيس جمال عبد الناصر قائلاً له: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفل يحضره الرئيس عبد الناصر ففاجأه الشيخ محمد صديق بقوله: ولماذا لا يكون هذا الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي، ورفض أن يلبي الدعوة قائلاً: لقد أخطأ عبد الناصر حين أرسل إلي أسوأ رسله. ان هذا الرد والموقف يحمل الكثير من الدلالات ومنها : 1- الاجلال الحقيقي لكتاب الله من ان يكون مطية لرغبات الحكام (لم تكن علاقة المنشاوي بالرئيس جمال طيبة ربما بسبب موقف جمال من بعض العلماء )مع ان العالم لوذهب الى الحاكم بنية الارشاد والتوجيه والتعليم لم يكن بذلك باس وهو مذهب اهل السنة وان كان الموقف هنا يختلف ومن هذا الباب امتنع بعض الغلماء من غشيان ابواب السلاطين مع طاعتهم لهم بالمعروف. 2-ان هذا الموقف يذكرنا بمواقف العلماء الربانين امثال الاوزاعي والامام مالك وغيرهم وانهم لم يكونوا ليقفوا على ابواب السلاطين لانك مااخذت شيئا من دنياهم الا اخذوا شيئا من دينك ولا اعلم احدا من المقرئين وقف مثل هذا الموقف الجرئ الصارم ورد مثل هذا الرد القاسي ليدلك على الايمان العميق والاتصال الوثيق بالله وعدم الخشية الا من الله ولو ذهب الشيخ لكان من الممكن ان يغدق عليه الاوسمة والمال (لم يكن المنشاوي يشترط اجرا على القراءة ولم ينل حسب علمي وساما من مصر وان كان قد نال وساما رفيعا من الرئيس الاندنوسي )ولكنه نال وساما من الدرجة الكبيرة انه وسام رضاء الله ومرضاته ونال تقدير الناس وحبهم له ورزقه الله محبة الخلق اجمعين. الموقف الثاني:لم يلتحق الشيخ محمد صديق المنشاوي بأي معهد لتعلم الموسيقى ولم يدرسها على يد أحد الموسيقيين وقد طلب أحد الموسيقيين الكبار في فترة الستينات منه وعرض عليه أن يلحن له القرآن قائلاً له: يا شيخ أنت الصوت الوحيد الذي يقبل الموسيقى في القرآن فقال له الشيخ محمد: يا سيدي لقد أخذت الموسيقى من القرآن فكيف تلحن أنت القرآن بالموسيقى فخجل الرجل من نفسه وهذه عادة قبيحة من بعض القراء سامحهم الله وانتشرت في الاوساط الاقرائية وهي ان يذهب المقرئ الى موسيقار او فنان !!!!!!!!!!!!!!! ليتعلم منه المقام او النغم الذي بلائم صوته ليكون مشهورا وانت ترى كل هذه المقدمات باطلة وليس لها من الشرع دليلا ايجوز للمقرئ ان يحرق نفسه من اجل ان ينفع غيره - ان كان في قرائته منفعة-والغالب على هولاء ان الله لايجعل لهم قبولا ثم ان الذهاب الى هولاء الفساق نوعا من انواع الاقرار على ما هم عليه والله هو الحسيب وبه الاستعانة ان الرعيل الاول مثل الشيخ عبد الباسط والحصري ومصطفى اسماعيل كلهم رفضوا (النوته الموسيقية )والدخول في المعاهد الموسيقية بحجة تحسين الصوت ان هذا الرفض من المنشاوي يدل فعلا على اجلاله لكتاب الله وان القران يعلو ولايعلى عليه وبالله التوفيق والى الحلقة 9 من تراث الشيخ المنشاوي رحمه الله.
الحلقة التاسعة :
المنشاوي مقرئ الصحوه
لقد مرت احداث مؤلمة هزت العلم الاسلامي من اقصاه الى ادناه في عصر المنشاوي رحمه الله ولم تكن مثل هذه الاحداث لتمرعليه مرور الكرام دون اخذ العبر واستغلالها بما يخدم الاسلام والمسلمين ومن تلكم الاحداث حدث النكبة عام 67 وما تبعها من مصائب وما اعقبعا من نتائج لازلنا نعاني من ويلااتها الى اليوم والتى من اهم اسبابها تفرق المسلمين وانكبابهم على حب الدنيا وملاذاتها والفرقة التى مزقت دولة الاسلام وجعلتهم احزابا وشيعا كل منهم يدعي وصلا لليلى وليلى لاتقر لهم بذاك والكل يدعي انه حامل لواء الكتاب والسنة علما ان الادعاء وحده لايكفي بل لابد من التطبيق وقد توالت ردود الفعل من لدن علماء الامة وفقهائها والمخلصين من ابنائها من اجل الاستنهاض بالامة والاخذ باسباب القوة والعودة بالمسلمين من جديد الى اسياب العز والرفعة والسؤدد والى النبع الصافي القران والسنة الذي يوحد ولايفرق ويجمع ولايشتت وبرز عدد من الدعاة وعلام الامة كرسوا اقلامهم وكلامهم من اجل هذا المبداء العظيم والذي به صلاح الامة وهنا برز دور المقرئ المنشاوي رحمه الله وبما يملكه من الطاقة الصوتية والموهبة التي رزقه الله اباه فانه وبلا شك تالم مما يتالم منه كل غيور على الامة ومن هذا المنطلق استغل المناسبات العديدة والدعوات التي وجهت اليه ومن مختلف الاقطار والامصار ومن خلال مساجدها مثل المسجد الاقصى والمسجد الاموي بسوريا ومسجد ابي حنيفة بالعراق والمسجد الكبير بالاردن وليبا وغيرها من اجل تذكير الامة الاسلامية بمجدها التليد وتاريخها العريق المتالق في افق السماء و من خلال الصدح بالقران الكريم وسوره العظيمة والتى تيث في النفوس روح الامل والاستبشار بوعد الله وان النصر اتى ان شاء الله قريبا لامحالة وان الله لايخلف وعده وانه ياتي حينما تاخذ الامة الاسلامة باسباب التمكين والتي منها الايمان بالله والعمل للاخرة وترك التنافس على حطام الدنيا ومتاعها الزائل فكان رحمة الله يرفع صوته مدويا يالقران وخاصة من السور التى تدعو الى الصبر واليقين والتوكل على الله والصبر على البلاء ومن ذلك سورة التوبة فان الشيخ كان يكرر قراتها في مثل تلك الطروف وقد قراء الشيخ هذه السورة وخاصة الايات من قوله (يايها الذين امنوا ما لكم اذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم .................) وقد قراء تلك الايات في اكثر من سبعة محافل وقد اخترت من تلك المحافل محفل يرفع الشيخ اعلى صوت من اجل ان يسمع الامة الاسلامية لعلها تستيقظ من سباتها ونومها ويحثها ومن خلال التلاوة في ان النصر قريب باذن الله وان الله ناصر دينه رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين ولو كره الكافرون واليك تلاوة ما تيسر من سورة التوبة [URL="http://www.4shared.com/file