محمد ابراهيم ماس فارس (ألماس)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن من نعم الله على الأمة المحمدية أن تكفل لها بحفظ دينها وكتابها بل هذه هي النعمة وصور هذا الحفظ ومظاهره غير محصورة لا في مكان محدد على وجه البسيطة ولا في مظهر واحد ولا في جنس معين – إلا ما ورد تخصيصة وليس هذا موضع بسطه – وكان من عموم هذه النعمة وسريانها في زمان هذه الأمة أن بعث الله لها على مرّ سنيّها من يجدد لها دينها وينير لها طريقها, وكان ممن اختصه الله بنصيب من هذا الفضل وصب عليه من وابل احسانه الكثير الجزل الإمام بديع الزمان سعيد النورسي رحمه الله رحمة الابرار وجمعنا به مع أحباء الله الاطهار في دار القرار آمين.
أنعم الله عزوجل عليّ وله الحمد والمنة – أن عرفت هذا الإمام من خلال بعض رسائله أولاً, ثم من خلال من تتلمذ على كتبه ثانياً ثم من خلال من حباهم الله وجل بملاقاته والافادة من عظيم نفحاته, وكانت هذه هي الأجلّ والأهم.
وفي هذه العجالة التي لا تفي بوصف الحالة إلا انها بيانها كالإطلالة اكتب تصوراتي عن هذا الإمام وعن فكره وبعض ما عَنّ لي عن كيفية الافادة والاستفادة منه في حدود رأيي الخاص من خلال قراءتي لرسائل النور منفردة لمرة واحدة من غير تعمّق.
أولاً: شخصية الإمام بديع الزمان النورسي رحمه الله تستهوي من يطلع عليها فتقف به على جوانب إنسانية واجتماعية وشخصية تضعه في مصاف المتميزين في تاريخ البشرية, وما كتب – حسب اطلاعي البسيط- عن الإمام لا يفي حتى الآن باعطاء صورة كاملة شاملة له, بل لا تزال سيرته على كثرة من تناولها أرضاً خصبة للسيرة ذاتها وللتاريخ وللدراسات الاجتماعية الانسانية.
من هذا الجانب اكتب أنا الفقير في اسطر قليلاً مما اتصوره عن الإمام ليس كتعريف به – فلست اهلاً لذلك – ولا لاظهار ما لا يدرك مباشرة – إذ غيري اعرف بما هنالك – ولكن تبركاً واجلالاً وعند ذكر الصالحين تتنزل الرحمات أقول ومن الله عزوجل أستمد العون:
للإمام نواحٍ كثيرة يمكن التعرض لها أخص منها هنا شخصه الكريم. اذ تاريخه رحمه الله مكتوب مدون من نواح عدة ولكن – حسب ما أعرف قليل جداً من تعرض للافادة من شخصه (ذاته) المتمثل في صفاته وحياته الاجتماعية الخاصة او دراسة سيكلوجيته النفسية ليظهر لنا منها مواطن القوة والاشراق فتكون نبراساً لمن يريد الانطلاق.
الإمام بديع الزمان النورسي رحمه الله تميز بعدد من الأوصاف الفطرية كانت له خير عون من الله عزوجل على التأهل لما قام به من مهام جسام. وعلى حسب ما ظهر لي فإن اجتماع هذه الاربع الصفات – على كثرة ما قيه من صفات الاجلال – كان هو القوة الذاتية الأصلية التي مكنته من العلو بفضل الله القوي العلي وهي:
1- 1- السلامة الفطرية.
2- 2- الشجاعة والجرأة.
3- 3- قوة الحافظة.
4- 4- قوة التأمل والملاحظة.
وبالنظر الى سني عمره الاولى تظهر هذه الصفات هي المسيطرة الاكبر عليه وهي الموجه الاشد عليه.
أما السلامة الفطرية: فإن كل مولود يولد عليها ولكن الفارق هو اختيار الله عزوجلّ له في بيئة محافظة ابتداءً بوالديه رحمهما الله عزوجل ثم المجتمع حولهم حيث كان المجتمع في شرقي الاناضول مجتمع اسلامي محافظ تسود الأجواء الايمانية والتسليم القلبي فيه.
● أما الشجاعة: فقد ظهرت مخايلها ظهوراً قوياً عليه من صباه ووليدتها الجرأة التي فتحت أمامه الطريق لمعرفة كل ما يصبو إليه أيضاً اظهار كل ما يريد.
● أما قوة الحافظة: فكذلك ظهرت واضحة من سنيّ تحصيله الاولى وبقيت له محفوظة بحفظ الله عزوجل الى آخر عمره رحمه الله وكانت خير عون له في تحصيله العلمي واسعاف مداركه العقلية النافذة.
● أما قوة التأمل والملاحظة: فهي الأهم من بين الصفات حيث فتحت أمامه الكنوز الفكرية وطريقة الاستفادة منها ووضعت يده على جذور الامور وكيفية التعامل معها.
ومن بين هذه الصفات هناك صفة الشمولية والتوازن التي هي كالعمود الفقري لهذه الصفات وهذه الصفات هي الابرز والأهم.
أقول إن الناظر الى هذه الصفات يدرك انها وهبية لا دخل للكسب فيها الا بطريق ضعيف لا يُظهر مثل ما ظهر من الإمام عليه الرحمة والرضوان.
من خلال قراءتي لبعض ما كتب والاطلاع على بعض آخر في سيرة الإمام بديع الزمان سعيد النورسي رحمه الله, ظهر لي الحاجة إلى مناقشة أو كتابة تاريخه وسيرته من وجهة نظر ذاتية شخصية واجتماعية انسانية لا يكون الحدث السياسي أو عرض الأحداث التي تعرض لها الإمام هي المحور الاساسي في العرض بل ما هي نفسية الإمام وما هو خلقه وما هي طريقته في التعامل والتفاعل هي المحور الاصل مع عرض ذلك كله في قالب أدبي محبب ليجمع للقارئ بين المتعة الداعية الى المتابعة والعرض المؤثر الداعي الى الاتباع.
كذلك اعتقد أن الكتابة الموجودة الآن عن الإمام تعرضه دائماً في صورة المظلوم لأسباب غير مبررة بل وتافهة في نظر الكل – وتظهر الجانب الآخر في صورة الظالم المستبد والغير منطقي أو الأحمق الاهوج في تعامله وهذه الطريقة وان كانت هي الواقع ولكن عرضها هكذا بدون اظهار معنى للمجريات التاريخية تعطي السيرة صورة عرض قد تكون مملولة التكرار أو صورة قاسية جامدة لا تلبث عند غير المهتمين أن تتلاشى لتبقى مجرد ألم بلا أمل وصورة من صور وحشية الماضي فحسب.
ورأيي أن تعرض سيرة الإمام بصورة تلتف فيها الآلام بالآمال والعرض بالمناقشة والسرد بالتحليل وايضاً اظهار المنطقية ولو غير الصحيحة للخصم في مواجهة الإمام ثم افساح المجال لنور قوة الإمام للرد عليها.
في ظني الضعيف أن هذه الطريقة قد تكون أكبر اثراً واكثر إفادة.
هناك حلقات بسيطة أو قليلة ولكنها مهمة في كتابة سيرة الإمام وهذه الملاحظة خاصة بكتابة الاستاذ احسان قاسم الصالحي حفظه الله ورعاه وجزاه عن عمله وجهوده خير واحسن الجزاء آمين.
هذه الملاحظة سببها أن الاستاذ احسان إقتصر في عرض كل ذلك من كلام الإمام وطريقته فقط بينما بعض ذلك يحتاج الى تدخل من الاستاذ ليظهر الانسجام وينساب عذب الكلام, وهذه الملاحظة كما اسلفت خاصة بي وأيضاً تحتاج الى وقت أطول للتأمل لتظهر في صورتها الحقيقية الواقعية.
ثانياً: رسائل النور يقول عنها الإمام رحمه الله انها التفسير العصري للقرآن الكريم واظهار حقائقه, بل لو كان الأولياء الكبار الذين كتبوا في حقائق هذا الدين موجودين في هذا العصر لما كتبوا إلا رسائل النور.
من خلال قراءتي ظهر لي معناً كبيراً وسامياً لكثير مما يقوله الإمام عن رسائل النور, هناك امور قد اكون صادقاً جداً عند قولي اني لم افهم المراد منها أو لماذا توصف رسائل النور بالذات بهذه الصفة دون غيرها من مجهودات العلماء, وقد عصمني أو بالاحرى حفظني الله عزوجل من الاعتراض والحمد لله عزوجل حق حمده, ثم لم تزل كثير من تلك الأمور تظهر واقعية جداً في الوصف بل قد أقول لا أقل من أن يقال ذلك:
رسائل النور متميزة جداً عن غيرها من كتابات العلماء في نواحٍ عدة اذكر حسب ما – يظهر لي – اذ لم اقصد الدراسة المتأنية الحصرية لذلك وحسب ما رأيت انه هو السبب الأكثر اشراقاً وتميزاً فيها:
1- 1- الشمولية مع الدقة في الوصول الى المراد.
2- 2- الجمع بين العلوم الاسلامية بطريقة منقطعة النظير.
3- 3- الجمع بين فرق وطرائق الاسلام بطريقة كذلك.
4- 4- سد احتياج العصر الفكري حقيقياً وليس كما يزعم.
5- 5- عكس الكثير من الحقائق القرآنية والشرعية بأسلوب يناسب كل الملسمين على اختلاف طبقاتهم.
6- 6- علاج المشكلات النفسية والفكرية للمجتمع الاسلامي بطريقة فريدة وضرورية وذات اثر قوي.
7- 7- توجيه النظر الى الحقائق من خلال الكون وما فيه.
8- 8- كل ما مضى يعرض في مرآة القرآن وبأسلوب مع بساطة ولطف يدرك ويلمس ذلك كل أحد.
اسلوب التميز عند الإمام النورسي رحمه الله جعل كل من له صلة بالرسائل يعلم صدق الإمام ودقة وصفه الواقعي عندما يقول أن الرسائل عاكس لأنوار تجليات القرآن الكريم وليس كلها بل حسب ما أفاض الله عزوجل. ويجعلنا نكف عن الحيرة في قول الإمام انه – يجلس للاستفادة على مائدة ما كتبه مثله كمثل جميع من يستفيد منها بل أن رسائله التي كتبها هي استاذه ومعلمه وكأنه لم يكتبها وما ذلك إلا لكونها محض إلهام وإفاضة من الله عزوجل في فهم القرآن الكريم واظهار حقائقه الايمانية.
أهداف رسائل النور يتمثل في نواحٍ:
1) 1) شرح لمقاصد الحقائق الايمانية في إظهار محورين مهمين.
أ- أ- الايمان بالله عزوجل والايقان بوحدانيته عن طريق البرهان العقلي القوي الواضح.
ب- ب- الايمان برسول الله عزوجل محمد صلى الله وعلى آله وسلم ومعرفة عظيم قدره مع البيان لمقام جميع أنبياء الله عزوجل ورسله صلى الله عليهم وعلى نبينا مندرجاً في بيان مقامه العلي وكل ذلك بالبرهان والدليل الصحيح العقلي.
2) 2) شرح لمقاصد الاسلام وحقائقه ببيان وسائله وطرقه وهنا تكلم النورسي رحمه الله عن أمرين مهمين أيضاً:
أ- أ- الصلاة وبيان قدرها واهيمتها وأسرارها ومنافعها وشرح الكثير من مهمات اذكارها وما بعدها حتى أظهر جلياً للعقل السليم أن الصلاة من أهم حقائق الدين.
ب- ب- الصوم وآثاره وفضله وعظيم تربيته للروح والجسد ثم ما هي الاسرار والحكم الكثيرة فيه.
ج- الاشارة والبيان لكثير من حكم بقية الشعائر الدينية ولكنها في كثرة ورودها في الرسائل أقل من السابقين.
3) 3) شرح مفصل عن وظيفة الانسان في هذه الحياة والمراد منه وهذا هو المقصد الأجل الاكبر للرسائل حيث انها بيان لحقائق الايمان وان الايمان والالتزام به ضرورة لا محيد عنها بالنسبة لكونه ثمرة شجرة الكائنات, فمجمل رسائل النور بيان لوظيفة الانسان تجاه نفسه ومحيطه وخالقه عزوجل.
4) 4) المناقشة للكثير مما يثار حول الانسان وحول الإمام وحول الحقائق الايمانية والامور الشرعية بعامة وذلك بطريقة المناقشة العقلية وإظهار البرهان المنطقي العقلي القوي الصريح الصحيح الغير قابل للرد.
أساليب رسائل النور متميزة وأهم أسلوب تتبعه هو:
شرح وتفصيل الامور انطلاقاً من جذورها وختاماً بنتائجها مع التحليل المنطقي والعلاج لجميع تلك المجريات.
هذا الاسلوب المتفرد من بين جميع كتابات العلماء الهادفة الى علاج المجتمع الاسلامي كان هو في الواقع الحاجة الحقيقية لهذا العصر لذلك بحق كانت رسائل النور هي رسائل العصر.
كل ما مضى قوله يبين لنا مهمة رسائل النور التي لم اشر إليها لأن موضعها الاصل في أصل الكلام عنها ولكن للتأخير هنا فائدة لا تخفى وظيفة رسائل النور هي:
إظهار حقائق الايمان من خلال مرآة جلوات القرآن الكريم لهداية الانسان الحيران وهداية الضال الظمآن وتحصين المؤمن الوسنان ودرعٌ وسلاحٌ لليقظان ودحر جحافل الإلحاد والضلال والظلام والكشف عن جميع رموزهم ومداخلهم كالمتثلة في الهوى والنفس والدجال والسفياني وختاماً بافحام واسكات رأس حربتهم الشيطان.
ان اختصاص رسائل النور بالقرآن الكريم متمثلاً في مقاصده جعل كثير من مميزاته واساليبه وخصائصه منعكسة على الرسائل وكيف لا وما الرسائل إلا مرآة لاظهار انوار جلوات ذلك الكتاب المقدس.
يقول الإمام بديع الزمان النورسي رحمه الله عن الرسائل انها أخرست الشيطان وقصمت ظهر الإلحار وهشمت بنيانه وعالجت أمراض النفس وقضت على شبهاتها.
وأهم ما كتب لها النجاح في أوساط المجتمع الاسلامي التزام عرضها بالبرهان العقلي والمنطق الصحيح مع الجميع بين العلوم الاسلامية الاصلية والحقائق العلمية الكونية مما جعل أسلةب الرسائل مدرسة تنتهج في الكتابة الدعوية الحديثة.
ثالثاً: الاستفادة من رسائل النور والاستفادة منها أمر وارد لكل الناس ولكل الطبقات والفئات, فقد ذكر الإمام رحمه الله أن الافادة والاستفادة حاصل لكل أحد ولكن بينهم فرق حسب الفروق الحقيقية الموجودة بينهم فمنهم من يكون فهمه سطحياً ومنهم من يكون فهمه محصوراً في جمعه أو معنى ومنهم من يكون فهمه عميقاً وهكذا يختلفون.
واني في عجالتي هذه اعرض لبعض الأمور المتعلقة بالاستفادة من الرسائل بعضها ادركتها وبعضها أرشدت لها ممن حولي.
من الاخوة الاعزاء وبعضها تظهر لكل أحد له اهتمام بالرسائل, وكما اعيد في كل مناسبة هي رأي خاص قابل للنقاش وليس من الضروري صوابه.
الذي يتبادر إلى ذهني أن أساليب وطرق ومناهج وجوانب الاستفادة من الرسائل كثير جداً, وحسب عمق وضخامة ما تحويه الرسائل من علم ومنهج واساليب كذلك كل جانب يمكن الاستفادة منه في حدوده فقط كما يقول الإمام رحمه الله: إن حفظ تسعين كتاباً من أمهات العلوم كان بمثابة نواة للرسائل ”فقد ظهرت الرسائل خليط كبير وضخم ومتنوع وفي نفس الوقت رائع جميل, تظم من العلوم الكثير كأنها متخصصة بها جميعاً ومقاصدها واضحة ومناهجها متنوعة رصينة.
من الجوانب التي أرى حسب عرض الرسائل لمادتها يمكن الاستفادة منها:
1- 1- الرسائل بوضعها الطبيعي ارض خصبة لأن تكون منبعاً للدراسات العليا في جوانب شتى.
2- 2- بقليل من المنهجية في عرض مادتها يمكن تدريسها لطلاب الجامعات والثانويات وغيرها من المدارس حتى الابتدائية ولكن كل مرحلة باسلوب يختلف, ومنهجية متوافق والمرحلة التي تدرس فيها.
3- 3- نستطيع أن نقول بشئ من التفصيل بما سبق أن الرسائل تضم ايضاً مادة خصبة يمكن استخلاصها وتقديمها كتوجيهات اكاديمية للمصلحين والمشرفين والمربين على اختلاف جهاتهم لتكون تربيتهم تربية اسلامية رائدة.
4- 4- نستطيع القول أيضاً أن الرسائل تضم منهجاً متكاملاً لما يتجه اليه المسلمون اليوم من (اسلمة العلوم) ويمكن معرفة جوانبه بدراسة متأنية حيث أن الإمام كان يحمل فكراً جامعاً لهذين الجانبين ويطمع الى تحقيقهما وطبقهما بنجاح منقطع النظير في رسائله.
5- 5- من ناحية العامة فإن الرسائل أيضاً منبع للإفادة الاعلامية سواءً المسموعة أو المرئية وقد خطر لي في قراءة بعض أمثلة الإمام أنه يقدم مثالاً جاهزاً للتمثيل سواءً بالاشخاص أو عرض المثال بالصورة من الواقع الحي كأفلام الطبيعة والعلوم أو حتى أفلام الكرتون المسلية للصغار فإن في الرسائل جوانب كثيرة يمكن أن تكون رائدة في هذا العمل لو وجهت الانظار الجادة إليها.
6- 6- هناك رأي كان دائماً يراودني وزاد فيه يقيني سواءً بسبب ما رأيته في الرسائل من كلام للإمام أو بموافقة جلّة من الإخوان لي على ما رأيت.
هذا الرأي أنه يمكن الاستفادة من الرسائل ولكن ليس كل أحد مرشح لهذه الاستفادة خاصة في الدروس النورية الخاصة التي يقرأ فيها الطلاب الرسائل ويتبادلون فيها الرأي اذ هناك مواطن قوة وعمق كثيرة جداً لا يمكن لجميع مِعَدِ الاذهان هضمها وكنت محرجاً أمام ابداء هذا الرأي حيث أن الغير كان يقول بخلافه ولكن بقراءة الرسائل وقعت على مواطن مهمة وقوية من فعل الإمام وقوله وفعل الأكابر من تلاميذه وقولهم يؤيد ما أرى.
لذلك أقول: ان ما يقرأ من الرسائل ليس كله مفيد للعامة من الناس بل لكل انسان ما يفيده, إلا في حالة واحدة يمكن يجاوز مثل هذه الحيطة وهي الاطمئنان الكامل الى حب ذلك الشخص واخلاصه للرسائل مع تسليمه لما لا يفهمه هنا يمكن عرض ما تحويه جميع الرسائل لديه.
7- 7- هناك جوانب إفادة متوقعة مستقبلية ليس الآن مجالها لذلك اعرضت عن ذكرها.
هذه امور كتبت على إختصار وعجل بينما الرسائل تحمل في طيها الكثير والكثير مما يبهر العقول.
رابعاً: خواطر قارئ:
كنت اعتزم كتابة ما رأيته في الرسائل بعيداً عن هذا الجانب حتى جاءنا الإمام الشيخ التلميذ الاجل للإمام بديع الزمان سيدي مصطفى صونغور حفظه الله ورعاه آمين, فكانت لي معه محاورات حول أمور ومنها تكليفي هذا فأشار على بكتابة خواطري وانطباعاتي التي خرجت بها عن الإمام رحمه الله وعن رسائل النور فكتبت منها هنا ما تيسر.
1- 1- كان أول طريقي مع الرسائل اعجاب فكري ولقاء بمحض القدر ولم اكن اعلم أو اسمع عن عالم بهذه المكانة الا في جانب واحد افادة مولانا وشيخنا الإمام عبدالفتاح ابو غدة رحمه الله ورضي عنه آمين حين ذكره من ضمن العلماء العزاب.
ولكن هذه الرؤية بدأت تتغير بمرور اسبوع فقط على وجود بعض نسخ الرسائل الصغيرة عندي وتطور الامر الى ما تعلمونه.
2- 2- كنت كثيراً ما ألاحظ الموافقات الخاصة بالرسائل سواءً في القراءة أو مجالسنا المعتادة أو حتى في حياتي الخاصة بالذات فيما كان يدور أحياناً بيني وبين والدي حفظه الله, كنت ارجع ذلك أولاً الى الإمام النورسي بصفته عالم كبير وممن لا يشك في عظيم ولايته حياً وميتاً رحمه الله ورضي عنه.
ثم تتطورت هذه الرؤية وبتوجيه من كلام الرسائل الى أن ذلك لم يكن إلا اكبر علامة واظهر كرامة لذات الرسائل التي كان الإمام نفسه رحمه الله يعترف بهذه الناحية جهتها.
3- 3- كنت في كثير من الأوقات في القراءة الخاصة تثور في ذهني اسئلة ومناقشات لجوانب حتى قد تكون في الظاهر لا مناسبة لها الا بصورة بعيدة ومتكلفة بما أقرأه, وسرعان ما أجد الجواب في مواضع من الرسائل بل في كثير من الأحيان لا تتجاوز الصفحة ذاتها أوالصفحة المقابلة.
كانت المسألة في اولها كأنها مصادفة ولكن بالتكرار الذي لا ريب فيه أصبحت تلك المسألة حقيقة عندي بل استخدمتها في امور خاصة فأظهرت من الموافقة ما اوقف عقلي عاجزاً عن التعبير وحسبي أن اقول: أن يد العناية الإلهية متصلة بوضوح بالرسائل.
4- 4- كما يظهر من النقطة السابقة كيف أن الرسائل تصبح كالمعلم والمجيب والمساعد والموجه لمن يهتم بها كذلك في الرسائل خاصية لم أجدها في غيرها وهي:
أن من يهتم ويتعلق بها يصعب عليه بعد ذلك تجاهلها أو اهمالها بل من اهتم بها بأي اسلوب تستمر علاقته وصلته بالرسائل ولا ينفك عنها وكنت اعجب لهذا الامر حتى رأيت من وافقني وهو أحد الكتاب في مجلة النور في العدد الثاني الصادرة في اكتوبر عام 2001 م حيث يقول: ان النورسي اذا شبّك في شخص ما, فهيهات أن يخلص منه وان سعى جاهداً إلى الخلاص. حينها علمت أن ما كان يراودني ليس مجرد ظن أو ناشئ من حالة خاصة بل الغير أيضاً يوافق على هذا ويعجب منه.
5- 5- انطباع خاص عن الرسائل قد لا يوافقني عليه البعض ولكن له عندي حتى الأن قوة, وهو:
أن رسائل النور على ما فيها من خير كبير جداً ما هي الا حلقة في مسلسل العمل الاسلامي من ناحية الفكر خاصة.
رسائل النور تهتم بالايمان وعرض حقائقه ودفع الشبه وعلاج النفوس من دخان الضلالة, ولكن هناك أمور كثير شرعية واجتماعية وانسانية يحتاج اليها كل مسلم سواءً في سلوكه أو في فكره وحسب ما اعرفه أو فهمته ممن حصل لي شرف اللقاء بهم لم افهم أو لم يظهر لي هل الافادة والاستفادة من الرسائل له برنامج متكامل لطلاب النور بحيث يكون القارئ والمستفيد منها ملمّاً بكل ما يحتاج إليه مع اهتمامه بالرسائل.
بينما علمت أن الرسائل في نظام مدارس النور في تركيا كمكملة للعلوم التي يتلقاها الطلاب في المدارس النظامية الحكومية وهنا هل ما يعرض في تلك المدارس متوافق مع الرسائل بالطبع لا؟ اذاً كيف هو العمل لحلّ ما ينتج عن ذلك من انفصام فكري خاصة عند غير مستوعب لأحوال هذه الأجواء أو لمن لا يستوعب ذهن مثل هذه الازدواجية؟!
ختاماً: لماذا لم تطبع جميع الرسائل بعد ترجمتها الى العربية ولماذا النظرة الخاصة للعرب.. وهل يجوز حرمان من يريد الاستفادة وهم 80% منهم بسبب 20 % قد يخالف في الرأي؟؟؟؟ أقول رسائل النور حلقة فكرية هامة بل هي الأقوى ولكنها كذلك لا تستغني في العمل الفكري الاسلامي عن المعاضدة في نواحٍ كثيرة عن بقية جهابذة علماء الاسلام.
وحسب أهمية ما عرضت له الرسائل وحسب أهمية طريقتها ومنهجها في العرض تبقى الرسائل في مقدمة ما يحتاجه الانسان في هذا العصر وتكون بقية الجهود مكملة ومعينة.
بما عرضته أظن أن الرحلة مع رسائل النور قد بدأت ولم تنتهي ولا أعلم ما أطوار هذه الرحلة ولكن حسبي أن تكون الرحلة مع الرسائل خدمة للقرآن الكريم ولحقائق الايمان.
)سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين(
وصلى الله وسلم وبارك وانعم على سيدنا محمد وعلى آله.
مقدمة
محمد ابراهيم ماس فارس الماس
22O9O1422
http://www.saidnur.com/arap/