سلسلة تعلم حديث عن رسول الله_ الحديث الاول
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلاالله وحده لا شريك له رب العالمين وإله المرسلين وقيوم السموات والأرضين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين الفارق بين الهدى والضلال والغي والرشاد والشك واليقين
إخوتي وأخواتي الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ـ
نتدارس اليوم
حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه رواه مسلم بهذا اللفظ
هذا الحديث خرجه مسلم من رواية الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة
وخرجه في الصحيحين من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة.
وخرج الطبراني من حديث كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر على مؤمن عورته ستر الله عورته ومن فرج عن مؤمن كربة فرج الله عنه كربته.
وخرج الإمام أحمد من حديث سلمة بن مخلد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة ومن نجي مكروبا فك الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته
فقوله صلى الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة هذا يرجع إلى أن الجزاء من جنس العمل وقد تكاثرت النصوص بهذا المعنى كقوله صلى الله عليه وسلم إنما يرحم الله من عباده الرحماء، وقوله إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا, والكربة هي الشدة العظيمة التي توقع صاحبها في الكرب وتنفيسها أن يخفف عنه منها مأخوذ من تنفس الخناق كأنه يرخي له الخناق حتى يأخذ نفسا والتفريج أعظم من ذلك وهو أن يزيل عنه الكربة فتفرج عنه كربته ويزول همه وغمه فجزاء التنفيس التنفيس وجزاء التفريج التفريج كما في حديث ابن عمر وقد جمع بينهما في حديث كعب بن عجرة.
وخرج الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا أيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة وأيما مؤمن سقي مؤمنا على ظمأ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم وأيما مؤمن كسا مؤمنا على عري كساه الله من خضر الجنة وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن ابن مسعود قال يحشر الناس يوم القيامة أعري ما كانوا قط وأجوع ما كانوا قط وأظمأ ما كانوا قط وأنصب ما كانوا قط فمن كسا لله كساه الله ومن أطعم لله أطعمه الله ومن سقي لله سقاه الله ومن عفي لله أعفاه الله.
وخرج البيهقي من حديث أنس مرفوعًا أن رجلًا من أهل الجنة يشرف يوم القيامة على أهل النار فيناديه رجل من أهل النار يا فلان هل تعرفني فيقول لا والله ما أعرفك من أنت فيقول أنا الذي مررت بي في دار الدنيا فاستسقيتني شربة من ماء فسقيتك قال قد عرفت قال فاشفع لي بها عند ربك قال فيسأل الله تعالى فيقول شفعني فيه فيأمر به فيخرجه من النار،
وقوله كربة من كرب يوم القيامة ولم يقل من كرب الدنيا فقد ادخر الله جزاء تنفيس الكرب عنده لينفس به كرب الآخرة ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيسمعهم الداعي وينفدهم البصر وتدنو الشمس منهم فيبلغ الناس من الكرب والغم ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس بعضهم لبعض ألا ترون ما بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم عند ربكم وذكر حديث الشفاعة خرجاه بمعناه من حديث أبي هريرة وخرجاه من حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تحشر الناس حفاة عراة غرلا قالت فقلت يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعضهم بعضًا فقال الأمر أشد من أن يهمهم ذلك وخرجاه من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} المطففين قال يقوم أحدهم في الرشح إلى أنصاف أذنيه وخرجاه من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعًا ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم ولفظه للبخاري ولفظ مسلم إن العرق ليذهب في الأرض سبعين ذراعًا وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس أو إلى آذانهم.
وفي المسند من حديث عقبة بن عامر مرفوعًا كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس
وقوله صلى الله عليه وسلم ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة وهذا أيضًا يدل على أن الإعسار قد يحصل في الآخرة وقد وصف الله يوم القيامة بأنه عسير وأنه على الكافرين غير يسير فدل على أن يسره على غيرهم وقال، وكان يومًا على الكافرين عسيرًا الفرقان والتيسير على المعسر في الدنيا من جهة المال يكون بأحد أمرين إما بإنظاره إلى الميسرة وذلك واجب كما قال تعالى {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} البقرة وتارة بالوضع عنه إن كان غريمًا وإلا فبإعطائه ما يزول به إعساره وكلاهما له فضل عظيم.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان تاجر يداين الناس فإذا رأي معسرا قال لصبيانه تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه.
وفيهما عن حذيفة وأبي مسعود الأنصاري سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول مات رجل فقيل له بم غفر الله لك فقال كنت أبايع الناس فأتجاوز عن الموسر وأخفف عن المعسر وفي رواية قال كنت أنظر المعسر وأتجوز في السكة أو قال في النقد فغفر له وخرجه مسلم من حديث أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديثه قال الله نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه.
وخرج أيضًا من حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه.
وخرج أيضًا من حديث أبي اليسر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وفي المسند عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أراد أن تستجاب دعوته أو تكشف كربته فليفرج عن معسر،
وقوله صلى الله عليه وسلم ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة هذا مما تكاثرت النصوص بمعناه. وخرج ابن ماجه من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته.
وخرج الإمام أحمد من حديث عقبة بن عامر سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من ستر على المؤمن عورته ستره الله يوم القيامة وقد روي عن بعض السلف أنه قال أدركت قومًا لم يكن لهم عيوب فذكروا عيوب الناس فذكر الناس لهم عيوبا وأدركت قومًا كانت لهم عيوب فكفوا عن عيوب الناس فنسيت عيوبهم أو كما قال وشاهد هذا الحديث حديث أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوارتهم فإنه من اتبع عوراتهم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته خرجه الإمام أحمد وأبو داود. وخرج الترمذي معناه من حديث ابن عمر
واعلم أن الناس على ضربين:
- أحدهما من كان مستورا لا يعرف بشيء من المعاصي فإذا وقعت منه هفوة أو زلة فإنه لا يجوز هتكها ولا كشفها ولا التحدث بها لأن ذلك غيبة محرمة وهذا هو الذي وردت فيه النصوص وفي ذلك قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} النور. والمراد إشاعة الفاحشة على المؤمن فيما وقع منه واتهم به مما بريء منه كما في قضية الإفك
-والثاني من كان مشتهرا بالمعاصي معلنا بها ولا يبالي بما ارتكب منها ولا بما قيل له هذا هو الفاجر المعلن وليس له غيبة كما نص على ذلك الحسن البصري وغيره ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره لتقام عليه الحدود
وخرج الطبراني من حديث عمر مرفوعًا أفضل الأعمال إدخال السرور على المؤمن كسوت عورته أو أشبعت جوعته أو قضيت له حاجته
وبعث الحسن البصري قومًا من أصحابه في قضاء حاجة لرجل وقال لهم مروا بثابت البناني فخذوه معكم فأتوا ثابتا فقال أنا معتكف فرجعوا إلى الحسن فأخبروه فقال قولوا يا أعمش أما تعلم أن مشيك في حاجة أخيك المسلم خير لك من حجة بعد حجة فرجعوا إلى ثابت فترك اعتكافه وذهب معهم.
وخرج الإمام أحمد من حديث بنت الخباب بن الأرت قالت خرج خباب في سرية فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعاهدنا حتى يحلب عنزة لنا في جفنة لنا فتمتلئ حتى تفيض فلما قدم خباب حلبها فعاد حلابها إلى ما كان، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يحلب للحي أغنامهم فلما استخلف قالت جارية منهم الآن لا يحلبها فقال أبو بكر بل وإني لأرجو أن لا يغيرني ما دخلت فيه عن شيء كنت أفعله أو كما قال وإنما كانوا يقومون بالحلاب لأن العرب كانت لا تحلب النساء منهم وكانوا يستقبحون ذلك، وكان الرجال إذا غابوا احتاج النساء إلى من يحلب لهن ، وكان عمر يتعاهد الأرامل يستقي لهن الماء بالليل ورآه طلحة بالليل يدخل بيت امرأة فدخل إليها طلحة نهارًا فإذا هي عجوز عمياء مقعدة فسألها ما يصنع هذا الرجل عندك قالت هذا مذ كذا وكذا يتعاهدني يأتيني بما يصلحني ويخرج عني الأذى فقال طلحة ثكلتك أمك يا طلحة أعورات عمر تتبع، وكان أبو وائل يطوف على نساء الحي وعجائزهن كل يوم فيشتري لهن حوائجهن وما يصلحهن وقال مجاهد صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه فكان يخدمني، وكان كثير من الصالحين يشترط على أصحابه أن يخدمهم في السفر وصحب رجل قومًا في الجهاد فاشترط عليهم أن يخدمهم، وكان إذا أراد أحد منهم أن يغسل رأسه أو ثوبه قال هذا من شرطي فيفعله فمات فجردوه للغسل فرأوا على يده مكتوبا من أهل الجنة فنظروا فإذا هي كتابة بين الجلد واللحم.
وفي الصحيحين عن أنس قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر قال فنزلنا منزلا في يوم حار أكثرنا ظلا صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده قال فسقط الصوام وقام المفطرون وضربوا الأبنية وسقوا الركاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب المفطرون اليوم بالأجر ويروى عن رجل من أسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بطعام في بعض أسفاره فأكل منه وأكل أصحابه وقبض الأسلمي يده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك فقال إني صائم قال فما حملك على ذلك قال كان معي ابنان يرجلان لي ويخدماني فقال مازال لهم الفضل عليك بعد
وفي مراسيل أبي داود عن أبي قلابة أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدموا يثنون على صاحب لهم خيرًا قالوا مارأينا مثل فلان قط ما كان في مسير إلا وكان في قراءة ولا نزلنا منزلا إلا كان في صلاة قال فمن كان يكفيه ضيعته حتى ذكر من كان يعلف جمله أو دابته قالوا نحن قال فكلكم خير منه
السلسلة منقولة لتعم الفائدة
ويتبع باذن الرحمن